أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أعقاب مباحثاته مع نظيره الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش في موسكو أمس، أن روسيا قررت استثمار 15 مليار دولار في السندات المالية الأوكرانية، وقال بوتين: «نظراً إلى المشاكل في الاقتصاد الأوكراني والمتعلقة حسب رأيي إلى حد كبير بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية، قررت الحكومة الروسية، بهدف دعم الميزانية الأوكرانية، استثمار جزء من احتياطياتها بقيمة 15 مليار دولار في السندات المالية الأوكرانية»، مشدداً على أن ذلك لا يمت بصلة إلى أي شروط إضافية. وأكد بوتين أن موضوع انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الجمركي لروسيا وبيلاروسيا وكازاخستان لم يناقش إطلاقاً خلال المباحثات، كاشفاً عن أن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تنسيق الخطوات على ساحة السياسة الخارجية بشكل أوثق، وقبل كل شيء في ما يتعلق بمسائل الاستقرار الاستراتيجي والأمن في أوروبا والتصدي للتحديات العالمية.
كذلك أعلن بوتين أن روسيا قد تستفيد من القدرات الدفاعية الأوكرانية لاحتياجات القوات المسلحة الروسية. وقال «نحن على استعداد لندرس، تبعاً لتقارب بلدينا في مجالي الاقتصاد والسياسة، إمكانية الاستفادة من القدرات الدفاعية للاقتصاد الأوكراني وتوظيفها لاحتياجات القوات المسلحة الروسية، بما في ذلك ما يتعلق بعمليات التصليح وغيرها». وأضاف أن وزارتي الدفاع في البلدين قد أعدّتا مقترحات في هذا الشأن، لافتاً إلى أن الشركات الروسية تستثمر في القطاعات الأساسية للاقتصاد الأوكراني مثل قطاع الطاقة والوقود والصناعة الكيميائية والميتالورجيا وصناعة الماكينات. وتطرق الى عدد من المشاريع المشتركة في مجالات الطاقة الذرية وصناعة الطائرات والزراعة وريادة الفضاء. وأكد بوتين أن بإمكان روسيا وأوكرانيا أن تتعاونا بمزيد من النشاط على الساحة الدولية وتوسيع تنسيق المواقف من القضايا العالمية الملحة، وقبل كل شيء تلك المتعلقة بالأمن الاقليمي، مشيراً إلى أن حجم التحويلات المالية من روسيا إلى أوكرانيا يبلغ 2.3 مليار دولار سنوياً، بينما بلغ حجم الاستثمارات الروسية في الاقتصاد الأوكراني 1.5 مليار دولار.
من جهته، أعرب الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش عن أمله بتسوية قضية الغاز بين روسيا وأوكرانيا على أساس المنفعة المتبادلة، مضيفاً أنه يأمل أن تجد شركة «نفط وغاز أوكرانيا» ضالتها في البرنامج المقترح من قبل «غازبروم». ورأى أن الانخفاض في حجم التبادل التجاري بين البلدين يتطلب تدخلاً جراحياً، مشيراً إلى ضرورة تنسيق الجهود في المستقبل القريب، ليس فقط بين روسيا وأوكرانيا وحسب، بل مع بلدان رابطة الدول المستقلة أيضاً، من أجل إتمام عمل منطقة التجارة الحرة بشكل كامل. كذلك اقترح يانوكوفيتش على بوتين تنسيق العمل في تنشيط التعاون التجاري ــ الاقتصادي، ليس بين روسيا وأوكرانيا فحسب، بل أيضاً مع الدول الأخرى في رابطة الدول المستقلة.
ويأتي هذا اللقاء بعد إعلان السلطات الأوكرانية تأجيل التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي. كذلك طلبت كييف من الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية، إلا أن الأخير رفض هذا الطلب، كما رفض استئناف المفاوضات بشأن التوقيع على اتفاقية الشراكة في الوقت الراهن.
وفي اول تعليق على التفاقية، شددت الولايات المتحدة على أن الاتفاق الاقتصادي الذي وقع بين موسكو وكييف لا يتسجيب لمطالب المتظاهرين المؤيدين لاوروبا في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني أن اي اتفاق بين موسكو وكييف «لن يستجيب لمطالب الذين احتشدوا للتعبير عن احتجاجهم في كافة انحاء اوكرانيا».
وحث كارني في الحكومة الاوكرانية على ايجاد الوسيلة لرسم طريق نحو مستقبل اوروبي سلمي عادل ومزدهر اقتصادياً يتطلع اليه الاوكرانيون، داعياً الحكومة «إلى الدخول في حوار فوري مع المعارضة ومع كل الذين عبروا عن رغبتهم بقيام اوكرانيا افضل عبر التظاهر في الشارع».
إلى ذلك، رأى النائب في البرلمان الأوكراني عن حزب الأقاليم الحاكم فلاديمير ألينوك أن زيارة يانوكوفيتش لروسيا تتّسم بأهمية كبيرة بالنسبة إلى أوكرانيا. ففي الفترة الأخيرة تضررت العلاقات مع روسيا إلى حدّ ما. وتأتي أهميتها من كونها ضرورية لتنظيم كافة أوجه العلاقات الاقتصادية وكذلك استئناف التعاون وتعميقه. وأضاف أن هذا الأمر يتصل بصناعة الطائرات والسفن فضلاً عن المشاريع المشتركة في مجال الطاقة والغاز وبناء المحطات الكهرذرية. وأكد قائلاً «إننا نرى آفاقاً كبيرة للتعاون الاقتصادي مع روسيا. ولذلك سيتم توقيع اتفاقية مناسبة من شأنها الكشف عن إمكانيات السوقين الأوكرانية والروسية».
في غضون ذلك، حال نواب من المعارضة الأوكرانية أمس دون استمرار انعقاد جلسة البرلمان الأوكراني، وذلك من خلال احتلالهم لمنصة البرلمان. واحتل نحو 30 نائباً من أحزاب الوطن، والثورة، والحرية، منصة البرلمان. وكان رئيس البرلمان فلاديمير ريباك افتتح الجلسة المخصصة لمناقشة موازنة 2014، حيث ألقى كلمة قصيرة، اضطر بعدها إلى رفع الجلسة التي حضرها 256 نائباً. جدير بالذكر أن البرلمان الأوكراني سبق أن علّق جلساته مرات عدة، نتيجة منع المعارضة لانعقادها، وذلك احتجاجاً على قرار الحكومة تعليق مباحثات اتفاقية الشراكة مع أوروبا.
(الأخبار)