يتضح من التصريحات الغربية والروسية حول أوكرانيا أن هذه الدولة لن تهدأ رغم الاتفاق الذي وقّعته مع موسكو والذي رأى فيه رئيس وزرائها ميكولا أزاروف إنقاذاً لاقتصاد بلاده من الإفلاس، إذ سارع الاتحاد الأوروبي إلى انتقاد الاتفاق، معتبراً أنه لن يُفيد إلا في تأجيل الأزمة التي ستنفجر لا محالة، وهو ما أثار دهشة موسكو التي اتهمت الغرب بمواصلة الضغط العلني على أوكرانيا للعمل بما يخالف مصالحها الوطنية.
وأعلنت الحكومة الأوكرانية أن الاتفاق «التاريخي» الذي أبرم أول من أمس مع موسكو سمح بإنقاذ الاقتصاد الأوكراني من الافلاس الذي كان يهدده في حال توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وقال أزاروف لدى افتتاحه اجتماعاً للمجلس، أمس، إنه لو وقّعت بلاده اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي لكان أدى ذلك إلى «الإفلاس والانهيار الاجتماعي ــ الاقتصادي». وأضاف «شهدنا أمس حدثاً تاريخياً»، في إشارة إلى زيارة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش لموسكو، والتي أعلنت روسيا خلالها توظيف 15 مليار دولار في سندات الدولة الأوكرانية وتخفيض أسعار الغاز لهذا البلد بنسبة الثلث، وهو ما يوفر على كييف 7 مليارات دولار سنوياً. وأوضح أن «العقد السابق حول الغاز (الذي أبرمته رئيسة الوزراء آنذاك يوليا تيموشنكو المسجونة اليوم) يستنزف الاقتصاد الأوكراني منذ ثلاث سنوات ونصف السنة».
وغمز أزاروف من قناة المعارضة قائلاً إن «الرئيس وضع حداً لهذا التفريط بالمصالح الوطنية الذي تتحمل مسؤوليته القوى السياسية ذاتها التي تتسبب اليوم بزعزعة الاستقرار في البلاد»، مؤكداً أن «الاتفاقات الموقعة تتيح إمكانات جيدة للاقتصاد الأوكراني لسنوات كثيرة. وكان من المستحيل تحقيق كل ذلك دون اتفاق بين الرئيسين الروسي والأوكراني».
وأكد رئيس الحكومة الأوكراني أنه لو وقّعت أوكرانيا اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لكان تعيّن عليها الموافقة على شروط صندوق النقد الدولي، ومنها زيادة أسعار الغاز على المستهلكين وتخفيض سعر العملة الوطنية وتجميد الرواتب مع شراء الغاز الروسي بأسعار عالية، معتبراً أنه «لم يعد هناك ما يهدد الاستقرار الاقتصادي والمالي في أوكرانيا».
وهدّد المعارضة التي حشدت نحو خمسين ألف معارض أول من أمس تنديداً بالاتفاق مع روسيا قائلاً «لن ندع أحداً بعد اليوم يزعزع الاستقرار».
ولم يتأخر الرد الأوروبي على الاتفاق الذي وقّعته أوكرانيا مع روسيا، إذ رأت الرئاسة الليتوانية للاتحاد الأوروبي أمس أن الاتفاق ليس سوى «حل مؤقت»، ليس من شأنه سوى تأخير أزمة وشيكة لا إزالة التحديات على المدى الطويل.
وقال وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفسيوس إنه «إذا كان المال هدفه سد ثغرة، فإنه لن يؤدي سوى إلى تأخير الأزمة ولن يحل شيئاً. أي خيار آخر غير التحديث سيقود في النهاية إلى الأزمة».
ورأى الوزير أيضاً أن الاتفاق بين كييف وموسكو «سيجعل من الصعب تهدئة» المتظاهرين المؤيدين لأوروبا في ساحة الاستقلال في العاصمة الاوكرانية.
ووصف الاتفاق بأنه «يذكّر ببيع في المزاد العلني يربح فيه من يدفع أكثر»، معتبراً أن ذلك «ليس وسيلة للخروج من الأزمة، بل يجب اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن الاصلاحات والتحديث والقدرة التنافسية حتى يتمكن الأوكرانيون من الوقوف على أقدامهم».
وأثار الهجوم الأوروبي وقبله الأميركي على الاتفاق حفيظة روسيا التي اتهمت الغرب أمس بالضغط على أوكرانيا.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحاته أمام مجلس الاتحاد في البرلمان «نحن في دهشة من محاولات الضغط العلني المتواصل على الحكومة الأوكرانية، على الرغم من القرارات التي اتخذتها موسكو أمس».
ورأى أن هناك ضغطاً على كييف للاختيار، ما يصبّ في مصلحة أوروبا، مؤكداً أن أوكرانيا دولة ذات سيادة وهناك من يحرمها حقها في التعامل مع الموقف بنحو مستقل بموجب مصالحها الوطنية القانونية».
(أ ف ب، رويترز)