على وقع استمرار الاشتباكات المُسلّحة التي حصدت حتى الآن أكثر من 500 قتيل، كان رد النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار أمس، على دعوة الرئيس سيلفا كير ميارديت، الى الحوار، بدعوة الجيش الى اطاحة رئيس الدولة، مؤكداً أنه لا يريد أن يناقش الا «شروط رحيل» منافسه. وغداة تأكيد سيلفا كير، أن الصراع الدائر حالياً في البلاد ليس قبلياً، مبدياً استعداده للحوار مع نائبه السابق، الذي اتهمه كير بمحاولة الاطاحة، قال مشار «أدعو الحركة الشعبية لتحرير السودان، (الحزب السياسي الحاكم) وجناحها العسكري (الجيش الشعبي لتحرير السودان، القوات المسلحة في البلاد) الى اطاحة سيلفا كير من منصبه على رأس البلاد».
وأضاف، في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية «آر أف إي»، «اذا ما اراد ان يتفاوض على شروط تنحيه عن السلطة فنحن موافقون. لكن عليه ان يرحل، لأنه لا يستطيع أن يحافظ على وحدة شعبنا خصوصاً عندما يعمد الى قتل الناس كالذباب ويحاول اشعال حرب اتنية».
وشدد مشار، الذي استبعده سيلفا كير من منصب نائب الرئيس في تموز الماضي، على القول «نريد ان يرحل، هذا كل شيء. لقد اخفق في الحفاظ على وحدة شعب جنوب السودان، التي توصلنا اليها بعد صراع طويل وصعب».
وقال «لست مضطراً لقتال سيلفا كير، فقواته التي أغضبها تصرفه ستنقلب عليه».
وفي العاصمة الإثيوبية أديس ابابا، عقد مجلس السلم والأمن الأفريقي، مساء أمس، جلسة تشاورية غير رسمية لبحث قضية الصراع المتصاعد في دولة جنوب السودان، بحسب مصادر مطلعة.
وأفادت المصادر أن المجلس سيعقد جلسته الرسمية اليوم، بهدف الاطلاع على تقرير وزراء (الإيغاد) (الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا) الذين وصلوا جوبا أمس.
ويحمل الوفد مبادرة لمحاولة احتواء الأزمة السياسية الناشبة في جنوب السودان، حسبما ذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة في جوبا.
وأضافت المصادر أنه «يتوقع أن يدخل الوفد ويضم وزراء خارجية، إثيوبيا (تيدروس أدحانوم)، وكينيا (موسيس ويتانجولا)، وأوغندا (عثمان كيينجي) في اجتماعات مستمرة مع الطرف الحكومي والسياسيين المعتقلين على خلفية المحاولة الانقلابية (الفاشلة التي وقعت الأسبوع الجاري)».
ميدانياً، أسفرت معارك كثيفة بين فصائل الجيش، وصفتها السلطات بأنها محاولة انقلاب قام بها مشار، عن سقوط نحو 500 قتيل و800 جريح، حسبما ذكرت الامم المتحدة.
ومع اتساع نطاق القتال خاض الطرفان معارك طاحنة للسيطرة على بلدة بور، التي تقع إلى الشمال من جوبا. وأعلن جيش جنوب السودان أمس أن بور عاصمة ولاية جنقلي الشاسعة (شرق) سقطت في أيدي القوات الموالية لمشار.
وامتدت الاشتباكات التي اندلعت في جوبا الأحد الماضي، إلى بلدة بور المضطربة أول من أمس. والمفارقة السيئة أن بور في ذاكرة جنوب السودان لا تزال رمزاً دامياً للمنافسة بين سلفا كير ومشار. ففي 1991، قتلت القوات التي تشكل إتنية «النوير» أكثريتها بقيادة مشار وانشقت عن الجيش الشعبي لتحرير السودان، حوالى الفي مدني من قبيلة «الدينكا» إتنية سلفا كير، الأمر الذي أثار مخاوف من الانزلاق مجدداً إلى الصراع بين القبائل.
وقد كشفت هذه المواجهات عن المنافسات السياسية العميقة والإتنية أحياناً في اطار النظام، مردّها الى عقود من التمرد الجنوبي ضد الخرطوم (1983-2005) التي ادت في تموز 2011 الى استقلال جنوب السودان.
في غضون ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أن ما بين 400 و500 قتيل سقطوا في الصراع وشُرّد نحو 20 ألف شخص. لكن المنظمة الدولية أضافت أن قوة حفظ السلام التي يتراوح قوامها بين سبعة وثمانية آلاف جندي لن تتدخل في الصراع.
وأعلن المتحدث باسم المنظمة الدولية، فرحان حق، أن بعض الشبان من إتنية «نوير» دخلوا بلدة اكوبو، حيث لجأ مدنيون في قاعدة للأمم المتحدة، وأن «معارك حصلت»، فيما «تخشى الأمم المتحدة سقوط قتلى لكن لا يمكن تأكيد عددهم». ولجأ الآلاف إلى مجمعات تابعة للأمم المتحدة بينهم نحو 200 من عمال النفط في إحدى مناطق إنتاج النفط الرئيسية بعد مقتل 16 شخصاً على الاقل في اشتباكات بين عمال في حقلين للنفط، بينما أفاد مسؤولون بأن إنتاج النفط لم يتأثر.
وفي السياق، أفاد نائب حاكم ولاية الوحدة (إحدى المناطق الرئيسية لانتاج النفط) مابيك لانج دي مادينج، بأن تعزيزات أرسلت إلى حقل الوحدة النفطي، حيث قتل خمسة أشخاص بعد اشتباكات بالرماح والعصي بين العمال وكذلك إلى حقل ثار جاث النفطي حيث قتل 11 شخصاً.
وقال لوكالة «رويترز»، إن «الوضع مستقر حالياً».
(أ ف ب، رويترز، الأناضول)