مقديشو | بدأت دول من شرق أفريقيا وغربها التنافس من أجل الحصول على أموال وتجهيز عسكري مقابل إرسال الآلاف من جنودهم المدرّبين إلى الصومال للمشاركة في القوة الأفريقية لحفظ السلام «أميصوم»، التي تتمركز في ثماني قواعد عسكرية في الأحياء الشمالية والجنوبية من العاصمة مقديشو. وبعثت حكومات كينيا وإثيوبيا رسائل طلب إلى الاتحاد الأفريقي للمشاركة في البعثة، إلا أنّ الاتحاد وافق مبدئياً على طلب نيروبي، ولا يزال يدرس اقتراح أديس أبابا. وتجدر الإشارة الى أن منظمة «إيغاد» لدول إقليم شرق أفريقيا أفسحت المجال لدول جوار الصومال لخوض حرب طاحنة ضدّ مقاتلي حركة «الشباب» في جميع المحافظات الجنوبية والوسط، لإنهاء العنف المستمر منذ 21 عاماً في الصومال. وتمول الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين البعثة الأفريقية. ويتقاضى الجندي الأفريقي بمهمة حفظ السلام 1200 دولار شهرياً، بينما يقدر راتب الجندي الصومالي بـ200 دولار شهرياً. وطلب الاتحاد الأفريقي من مجلس الأمن الدولي الموافقة على زيادة عديد قوات حفظ السلام في المهمة من 12000 إلى 17731 جندياً، مع أن القوّة التي شُكّلت في 2007 تتألف من نحو 10 آلاف جندي من أوغندا وبوروندي وطلائع من قوات جيبوتية.
وقال الاتحاد الأفريقي إنّ بوروندي وأوغندا ستنشران قوات إضافية، وسترسل جيبوتي وحدة، في حين سينضم الجنود الكينيون الذين يقاتلون ضد حركة «الشباب» الى القوة ليصل عددها الى 17731 جندياً. كذلك أعدّت حكومة سيراليون 850 جندياً من قواتها المسلحة لإرسالها قبل نهاية شهر شباط المقبل. ويُرتقب أن يجتمع وزراء دفاع خمس دول من شرق أفريقيا في مدينة عروشا بتنزانيا في الفترة الممتدة ما بين 16 و19 من الشهر الجاري لعرض الوضع وحل سوء التفاهم والخلافات الفكرية وتعزيز التعاون الاستخباري والتنسيق بين القوى الأفريقية المختلفة التي تقاتل ضد «الشباب». وقال المتحدث باسم قوة الدفاع الكينية، إيمانويل شيرشير، إن كينيا ستدمر معاقل المتمردين من «الشباب» في محافظات جنوب غرب الصومال عبر غارات جوية تستهدف أيضاً أماكن تجمع قادة وميليشيات الجماعة في بلدات «مركا» و«أفجوي» و«براوه» من محافظة شبيلي السفلى.
ويخوض الآلاف من عناصر الجيش الكيني المدعوم بالدبابات والمقاتلات الحربية والمروحيات حرباً ضدّ متمردي «الشباب» منذ تشرين الأول. وتبرّر كينيا توغل قواتها في المناطق الحدودية وعمق أراضي الصومال في إقليمي جيدو وجوبا السفلى بأنها عملية مطاردة عناصر من المتشدّدين الذين اختطفوا سياحاً وعمال إغاثة من داخل أراضيها، فيما نفت «الشباب» مسؤوليتها عن عملية الاختطاف. ويقول النائب الصومالي، القيادي في القوّات الحكومية في محافظة جيدو، محمود سيد آدم، إنّ الطائرات القتالية الكينية تقصف معسكرات وكمائن الحركة في المنطقة للاستيلاء على بلدتي بور طوبو وبارطيري وإحكام السيطرة على جميع قرى وبلدات المحافظة. وتتهم المنظمات الحقوقية الدولية الجيش الكيني بارتكاب مجازر بشعة خلال الشهرين الماضيين بعد مقتل عشرات المدنيين الأبرياء في غارات جوية على بلدتي جيليب في جوبا الوسطى وهوسينغو في جوبا السفلى وقرى من محافظة جيدو.
ويقول دبلوماسي غربي في نيروبي، رفض الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة وبريطانيا وقوات حلف شمالي الأطلسي يعدّون خطة لإنهاء وجود القراصنة والإرهاب في الصومال، ما قد يكشف عن استراتيجية حرب جديدة بعد انعقاد مؤتمر لندن حول الصومال.
من جهتها، تنسق إثيوبيا عملياتها في وسط الصومال مع ميليشيات قبلية موالية للحكومة الانتقالية، غير أنها تؤكد أنها لا تطمع في احتلال مناطق صومالية، وأنها ستسلم جميع البلدات التي تحررها إلى «أميصوم». ويقول محللون سياسيون إن مئات من المقاتلين الأجانب المنتمين إلى دول عربية وآسوية يفكرون بالهرب إلى جنوب اليمن عبر ساحل المحيط الهندي للانضمام الى تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب. ويؤكد أمير حركة «الشباب» أحمد عبدي غودني، المعروف باسم الشيخ مختار عبد الرحمن أبو الزبير، في رسالة صوتية، أن قواته لن تنكسر وستواصل رفع رايتها الجهادية مهما كانت شراسة القوات المتحالفة التي تستعين بغارات جوية كينية، داعياً «المهاجرين (الأجانب) الى الصبر والاحتساب بالثواب». كذلك ناشد في رسالته الصوماليين في المهجر العودة إلى ديارهم من أجل الشهادة ومحاربة العدوان الصليبي والمرتزقة.
من جهته، يؤكد النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الصومالي حسين عرب عيسى أنّ أيام حركة «الشباب» معدودة ولا يمكن أن يرجع البلد الى عنق الزجاجة، قائلاً «قواتنا ستصطاد الثعابين السامة في الغبار والأعشاب، وسننتزع بلدات من أيدى الإرهابيين بالتعاون مع الدول الصديقة للصومال».
ويرى المراقبون أن حركة «الشباب»، التي تضم مقاتلين من الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان، لم تنجح في نشر «المشروع الإرهابي» في إقليم شمال شرق كينيا، الذي يقطنه الصوماليون وفي الإقليم الغربي ـ الإقليم الخامس، للسكان الصوماليين في إثيوبيا، ما يرجح عدم تمكّنهم من تنفيذ عمليات انتحارية خلال فترة الأعياد خارج الصومال.



هناك سعي دولي إلى تطبيق النظام الفيدرالي في الصومال، التي يرأسها شيخ شريف أحمد، قبل نهاية عام 2012، لتأليف حكومات إقليمية على أساس المصالحة والاتفاق بين السكان في المناطق. وقد لاقت الفكرة ترحيباً واسعاً من حكومة إقليم بونت لاند وسلطات أرض الصومال، التي أعلنت انفصالها، لكنها لم تحظ بعتراف دولي ولا إقليمي. وأشار مسؤولون كبار من حكومة أرض الصومال الى أنهم سيقبلون مبدأ الكونفدرالية الفضفاضة الصحيحة من أجل المساومة على الصومال في مرحلة ما بعد الصراع.