واشنطن «تحذّر» طهران عبر قناة اتصال سريّة من إغلاق مضيق هرمز... وترسل حاملة طائرات ثانية

لم يكن تهديد مسؤولين إيرانيين بإغلاق مضيق هرمز ـــ الممر الاستراتيجي لنفط الخليج الى دول العالم ـــ مجرد تصريح عابر، فقد شغل دوائر القرار في العديد من العواصم التي يمكن أن تتأذى نتيجة تنفيذ قرار كهذا
فيما شيعت طهران أمس عالمها النووي مصطفى أحمدي روشن، الذي اغتيل الأربعاء الماضي مع سائقه بقنبلة استهدفت سيارته، توعّد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، بمعاقبة مرتكبي الجريمة، في وقت لجأت فيه حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما في مسعى لحل أزماتها مع إيران إلى فتح قناة اتصال سرية مع خامنئي، لتحذيره من مغبة الإقدام على إغلاق مضيق «هرمز» الحيوي، باعتباره «خطاً أحمر» من شأنه استفزاز واشنطن وسيدفعها إلى الرد على تلك الخطوة.
ونظمت إيران أمس جنازة رسمية للعالم النووي مصطفى أحمدي روشن، الذي قتل في تفجير نسبته السلطات الى الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية، مؤكدة أنها «ستقاوم» ضغوط الغرب. وشارك حشد كبير في طهران في تشييع روشن عقب صلاة الجمعة التي أمّها المرجع الديني محمد إمامي كاشاني، وهم يرددون هتافات «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل» و«الموت لبريطانيا». وقد رفع بعضم صوراً لباراك اوباما كتب عليها كلمة «إرهابي».
من جهته، اتهم خامنئي أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية بالتورط في الاعتداء، وتوعد «بمعاقبة الذين ارتكبوا هذه الجريمة». وقال، في رسالة تعزية الى عائلة روشن، إن «هذا الاغتيال الجبان الذي لن يتجرأ مرتكبوه على الإقرار بمسؤوليتهم فيه، ارتُكب على غرار الجرائم الأخرى بتخطيط او دعم السي آي ايه (وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية) والموساد»، جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
أمّا وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، فقد اكتفى بالقول إن لديه «فكرة» عن هوية القتلة، نافياً في الوقت نفسه أيّ تورط أميركي.
من جهته، أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في عاصمة الإكوادور كيتو، حيث أنهى جولة إلى أربع دول أميركية لاتينية، أن «الغرب قرر ممارسة المزيد من الضغوط علينا. إنهم يهينون بلادنا وشعبنا، ومن الواضح أن الشعب الإيراني سيقاوم».
في هذا الوقت، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الى أن قنوات اتصال سرية جرى اختيارها مع إيران لكي تؤكد واشنطن لطهران بطريقة غير علنية عن عميق قلقها إزاء ارتفاع وتيرة التوترات حول مضيق هرمز، مما قد يتسبب في نشوب أزمة كبيرة بين البلدين. ونقلت الصحيفة عن المكلّف السابق بالملف الإيراني في مجلس الأمن القومي الأميركي، دينيس روس، أن «ايران بهذه الخطوة ستأخذ عهداً على نفسها بالفقر. ولا أعتقد أنهم سيلجأون إلى التضحية بأنفسهم».
ويجمع محللو البحرية الأميركية على أنه بينما تستطيع القوات البحرية الإيرانية إلحاق الضرر، إلا أنه قد يجري تدمير قواتها بالكامل في نهاية المطاف. وقال ميشيل كونيل، رئيس برنامج الدراسات الإيرانية في مركز التحليلات البحرية الأميركية، إن «الأسطول الإيراني الموجود على السطح سيجري غمره في قاع المحيط، غير أنه يمكنهم تسديد ضربة موفقة.. فصواريخ كروز (الإيرانية) المضادة للسفن قد تتمكن من تعطيل حاملة طائرات».
ويشير كونيل إلى أن لدى إيران نوعين من البحرية: الأول بحرية الدولة الإيرانية، وهي السفن العتيقة الكبيرة التي يعود تاريخها إلى حقبة الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، والأخرى تعود إلى قوات البحرية التابعة للحرس الثوري، ذات الزوارق السريعة القادرة على شن هجمات سريعة، وتعتمد في أسلوبها على تكتيكات حرب العصابات. ويقول قادة البحرية الأميركية إن السفن البحرية التابعة للدولة الإيرانية مخصصة للعمليات الأكثر احترافية والقابلة للتنبؤ، إلّا أن بحرية الحرس الثوري، التي تتولى مسؤولية إجراء العمليات في الخليج العربي، ليست كذلك.
وقامت البحرية التابعة للحرس الثوري بتسليح نفسها بثبات عن طريق بناء وشراء قوارب صواريخ أكثر سرعة وتخزيناً بما يزيد على 2000 لغم بحري خلال الفترة الماضية، حسبما أفاد خبراء أميركيون.
في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة وصول حاملة طائراتها الثانية «كارل فينسون» الى المنطقة، التي يفترض أن تحل محل حاملة الطائرات «جون ستينيس»، فيما يستعد الحرس الثوري لمناورات بحرية خلال الأسابيع المقبلة حول مضيق هرمز والخليج.
في المقابل، قال المندوب الروسي المنتهية ولايته لدى حلف شمال الأطلسي ديمتري روجوزين في بروكسل إن «إيران جارة لنا.. وإذا كانت داخلة في إطار أي عمل عسكري، فهذا تهديد مباشر لأمننا».
من ناحية أخرى، أوضحت الحكومة الأميركية أن حملتها لتقييد صادرات النفط الإيرانية تحرز تقدماً وسط مؤشرات على أن اليابان وكوريا الجنوبية وحتى الصين تسعى إلى بدائل تغنيها عن إيران، من أجل الالتزام بالعقوبات الأميركية المفروضة على البنك المركزي الإيراني، الذي تجري من خلاله معظم عمليات الشراء.
وقد فرضت الولايات المتحدة، أول من أمس، عقوبات على ثلاث شركات، بينها شركة صينية حكومية للتعامل مع القطاع النفطي الإيراني. ويبدو أن السياسة اليابانية بشأن النفط الإيراني باتت محل شك أمس، بعدما نأى رئيس الوزراء يوشيهيكو نودا بنفسه عن تعهد لوزير المالية جون ازومي، بخفض واردات الخام دعماً للجهود الأميركية. وقال يوشيهيكو إن تعهد جون، أول من أمس في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر في طوكيو، كان رأياً شخصياً، وإن الحكومة تريد بحث المسألة مع مجتمع الشركات. كما دعا وزير الخارجية الياباني كويشيرا غيمبا، الى «التزام الحذر الشديد قبل الموافقة على مثل هذه الإجراءات».
إلى ذلك، أعلن دبلوماسي غربي في فيينا أمس، أن ايران وافقت على زيارة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى أراضيها لتوضيح الاتهامات حول سعيها إلى امتلاك السلاح النووي، موضحاً أن الزيارة ستتم «على الأرجح» في 28 كانون الثاني.
(الأخبار، إرنا)