دافوس | أرسلت حكومات الدول التي شملتها ثورات «الربيع العربي» ممثليها إلى منتجع دافوس لإيصال صوتها إلى أصحاب القرار الاقتصادي العالمي، وجلب الاستثمارات إلى بلدانها، وشرح رؤاهم بخصوص تنشيط الاقتصاد والتنمية، والإسهام في بناء النظام الجديد الذي يطمح قادة العالم إلى التأسيس له. وقد حضر هذه الدورة من منتدى دافوس، العديد من الشخصيات العربية الجديدة التي تولت زمام الحكم حديثاً، كرئيس الحكومة التونسية مثلاً، حمادي الجبالي، ونظيره المغربي عبد الإله بنكيران، ورئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة. كذلك حضر أيضاً الأمين العام السابق للجامعة العربية، المرشح المفترض للرئاسة المصرية، عمرو موسى.
الرسالة التي بعثها الزعيم الروحي لحركة «النهضة» الإسلامية، التي نالت العدد الأكبر من مقاعد المجلس التأسيسي التونسي، راشد الغنوشي، وجهها إلى أصحاب النفوذ الاقتصادي في دافوس: التغييرات التي عرفتها بعض الدول العربية أخيراً بحاجة إلى دعمها من طريق الاستثمار لتحقيق التنمية وخلق فرص العمل بوصفهما شرطين لا غنى عنهما لتحقيق التحول الديموقراطي والاستقرار. وقال الغنوشي، لـ«الأخبار»، على هامش أعمال منتدى دافوس، إن «العنوان الذي اختير للمنتدى هذا العام، والمتعلق بإيجاد نظام اقتصادي جديد، يدل على أنّ النظام الرأسمالي، مثلما عرفناه حتى الآن، قد فشل». وتابع قائلاً إن «النموذج الرأسمالي القديم بالنسبة إلينا في تونس مرادف لحكم المافيا والسرقة والتبذير، وعلينا اليوم أن نساهم في بناء نظام جديد أكثر عدلاً».
من جهة أخرى، حذّر الغنوشي دوائر المال العالمية من أن «فشل التجارب الحالية في البلدان العربية ستؤثر سلباً على الجميع، وهو ما سيؤدي إلى بروز تيارات أكثر تطرفاً وجذرية قد تلجأ إلى العنف والإرهاب».
إلى ذلك، عادت الأزمة التي تعيشها دول الاتحاد الأوروبي لتسيطر على نقاشات وأعمال منتدى دافوس في يومه الثالث. ودار نقاش مفتوح بين المفوض الأوروبي المكلف بالاقتصاد، أولي رين، ووزراء مالية ألمانيا وإسبانيا وفرنسا. وأبرز هذا النقاش عمق الأزمة في منطقة اليورو، والتناقضات الفاقعة بين الدول الأعضاء. وارتكز الجدل بالأخص على تصريحات مثيرة لمسؤولين ألمان برّروا فيها عدم قبول بلادهم بإصدار سندات مالية أوروبية مشتركة بسبب عدم وجود مؤسسات أوروبية قادرة على أن تتابع ذلك بنحو فعال وجدي. أما الدول الأوروبية الأخرى، فقد طالب وزراؤها بالتعجيل في إصدار مثل هذه السندات، لأنها ستسهم في تقاسم عبء الديون السيادية بالتساوي بين دول منطقة اليورو.
وأشار المفوض الأوروبي أولي رين لـ«الأخبار» إلى أن «الأيام الثلاثة المقبلة ستكون مصيرية بالنسبة إلى المنطقة الأوروبية. فالقمة الأوروبية، التي ستُعقد الاثنين المقبل في بروكسل، تقع عليها مسؤولة إيجاد حلول لتنشيط الاستثمار في منطقة اليورو، وذلك لإخراجها من حالة الركود الاقتصادي». وأوضح رين أنّ مؤشر تفاؤل قد ظهر خلال انعقاد منتدى دافوس، وتمثل في قيام أسواق المال العالمية بتقديم قروض لعدد من البلدان الأوروبية التي تعاني ثقل ديون كبيرة كإيطاليا. وكشف أنّ هذه القروض أُقِّرت بكل سهولة وفق أسعار فائدة بسيطة جدياً، «وهذه إشارة إيجابية يرى فيها المختصون دليلاً على بدء تحسن الوضع الاقتصادي لمنطقة اليورو».
كل العيون في دافوس تتطلع إلى تطورات الأزمة الأوروبية، على قاعدة أن حلها أو تفاقمها هما ما سيحسمان الحفاظ على النظام الاقتصادي الحالي، مع بعض التعديلات والتحسينات، أو أن صفحة النظام الرأسمالي في شكله الحالي طُويت بلا رجعة.




دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون (الصورة)، أمس، إيران والدول الكبرى إلى استئناف الحوار حول الملف النووي الإيراني لأنه «ليس هناك بديل»، وذلك في مؤتمر صحافي على هامش منتدى دافوس. إصرار أرفقه بان بتشديد على ضرورة أن تمتثل إيران «تماماً» لقرارات مجلس الأمن الدولي، مع تذكيره بأن «القرارات الخمسة التي صدّق عليها مجلس الأمن الدولي، منها أربعة تتضمن عقوبات على إيران». وقال الأمين العام للمنظمة الدولية إنه «يجب على إيران أن تمتثل لقرار مجلس الأمن، وكل الأعضاء يتحملون مسؤولية الامتثال تماماً»، معرباً عن أسفه إلى أن طهران «لم تفعل ذلك بعد». كل ذلك مع تكرار بان أنه «يجب على (الإيرانيين) أن يثبتوا أن أهداف برنامجهم النووي هي حقاً سلمية، وهو ما لم يفعلوه».
(أ ف ب)