عدل دبلوماسيون عرب وغربيون قائمون على صياغة قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خاص بسوريا المسوّدة التي وضعوها أول من أمس في محاولة أخيرة لثني روسيا عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار، لكن المسودة المعدلة تضمنت بنوداً رفضتها موسكو من قبل. وقد يطرح مشروع القرار الجديد على التصويت في مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية، أمس، إن واشنطن «متفائلة بحذر» بأن روسيا ستؤيد مشروع قرار مجلس الأمن الذي يدين حملة القمع في سوريا.
لكن رد الخارجية الروسية لم يتأخر؛ إذ نقلت وكالة أنباء إنترفاكس عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله إن روسيا لا يمكنها تأييد مشروع القرار بصورته الحالية رغم التغييرات التي أخذت في الاعتبار بعض بواعث القلق التي عبرت عنها. ولم يحدد غاتيلوف ما إذا كانت روسيا ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار أو أنها ستمتنع عن التصويت إذا طرح للتصويت في مجلس الأمن بصورته الحالية.
وقال دبلوماسيون غربيون إن النسخة الأخيرة من مسوّدة القرار، التي وزعها المغرب على الدول الأعضاء الخمس عشرة في مجلس الأمن، تضمنت تغييرات أجراها مفاوضون عرب وغربيون استجابة لبعض التحفظات الروسية، بعدما قال المندوب الروسي فيتالي تشوركين في جلسة مغلقة إن بلاده ستستخدم الفيتو ضد مشروع القرار إذا تضمن عبارة تقول إن المجلس «يؤيد تأييداً كاملاً» خطة الجامعة العربية التي تدعو الرئيس السوري بشار الأسد إلى نقل صلاحياته إلى نائبه. وتقول موسكو إن ذلك يرقى لأن يكون «تغييراً للنظام».
وما زالت هذه العبارة موجودة في مسودة القرار، لكن عدداً من الدبلوماسيين قالوا إن تهديد تشوركين متعلق بتوقيت الاقتراع على القرار أكثر منه على فحواه، وعبّروا عن اعتقادهم بإمكان إقناع الروس بالامتناع عن التصويت أو حتى التصويت للقرار.
وقال دبلوماسي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته: «لقد وجه (تشوركين) التحذير، لكني لا أعتقد أنّ من الضروري أن ينفذه. أضفنا بعض الصياغات التي تريدها روسيا. لا يزال ممكناً تفادي الفيتو الروسي».
وقال مندوب المغرب لدى الأمم المتحدة، محمد لوليشكي، للصحافيين بعد جلسة مجلس الأمن المغلقة التي لم تتوصل إلى نتائج ملموسة، إنه سيسعى إلى التصويت على القرار المعدل «بأسرع ما يمكن». لكن مندوبة الولايات المتحدة سوزان رايس كانت حذرة في تصريحاتها بعد اجتماع المجلس. وقالت للصحافيين: «أجرينا ما يمكن أن أصفه بمناقشات صعبة في بعض الأوقات، لكنها مفيدة في النهاية. ما زلنا نعمل. لم ينته الأمر بعد». ورأى تشوركين أن مفاوضات الخميس غير الحاسمة كانت «مثل قطار الملاهي» الذي يصعد ويهبط.
من جهته، شكك المندوب الصيني، لي باودونغ، بالحاجة إلى قرار أقسى في مجلس الأمن، قائلاً: «من الضروري إجراء المزيد من المشاورات». وطرح ما يعدّه بعض الدبلوماسيين مسودة القرار النهائية لا يعني أن التصويت عليها وشيك ويمكن أن تحدث مراجعات لاحقة عليها. وقالت فرنسا إنها تتوقع تصويتاً يوم الاثنين على أقصى تقدير.
على الأرض، خرجت تظاهرات بعد صلاة الجمعة في عدد من أحياء دمشق في «جمعة عذراً حماه» بعد الدعوة التي وجهها ناشطون لإحياء الذكرى الثلاثين، ذكرى أحداث حماه عام 1982. وشملت التظاهرات، بحسب لجان التنسيق السورية، القامشلي وحمص وإدلب وريف دمشق وريف حماه ودير الزور. وأدت أحداث أمس إلى مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً. حيث أفادت وكالة يونايتد برس إنترناشونال عن قتل 5 مدنيين، بينهم طفلان وجُرح 7 آخرون، فيما قتل ضابط وجرح 6 عناصر من الجيش وقتل 9 من المسلحين في اشتباكات.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من لندن مقراً، قتل الطفلان في انفجار عبوة ناسفة في بلدة كفرتخاريم في محافظة إدلب. وأكد تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» صدر أمس أن أطفالاً يبلغون من العمر نحو 13 عاماً تعرضوا للتعذيب على أيدي الجيش وقوات الأمن في سوريا.
وقال مصدر سوري مسؤول لـ«يونايتد برس إنترناشونال» إن «عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة في مدينة كفرتخاريم كانت معدة لدورية عسكرية، انفجرت فأودت بحياة 4 مدنيين بينهم طفلان وأصيب طفل ثالث ومدنيان».
وفي شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الإنترنت، ويصعب التأكد من صحته، يمكن مشاهدة نحو عشرين عنصراً من «الجيش السوري الحر» مكشوفي الوجه يتنقلون نهاراً على دبابة في مدينة حمص القديمة.
وقالت مصادر محلية في محافظة إدلب ليونايتد برس إنترناشونال إن «آلافاً من أبناء المدينة تظاهروا اليوم الجمعة»، فيما أكد المصدر الرسمي هذه التظاهرات، مشيراً إلى ظهور مسلحين بين المتظاهرين.
من جهة ثانية، قال المصدر الرسمي إن اشتباكاً وقع في اللج، شرقي المخرم في محافظة حمص وسط البلاد «بين قوات حفظ النظام ومجموعة إرهابية مسلحة، أدى إلى مقتل 5 مسلحين وإصابة 4 من قوات حفظ النظام».
وأضاف: «كذلك استشهد ضابط برتبة عقيد في الدار الكبيرة بمحافظة حمص بعد أن هاجم مسلحون قوة لحفظ النظام فأصيب الضابط بطلق في رأسه وقتل ثلاثة من المهاجمين».
وتابع المصدر قائلاً إن مجموعة من المسلحين هاجمت مقلعاً للرخام في تدمر وسرقت عدداً من الآليات، بينها جرافات. كذلك سرقت مجموعة مسلحة معمل السماد في الزبداني. يشار إلى أن مسلحين سرقوا في ليل أول من أمس فندق «ديدمان» في تدمر بعد أن احتجزوا العاملين فيه وأفرغوه من محتوياته ووضعوها في شاحنات كبيرة، بينها آلاف التلفزيونات وغسالات وبرادات وأثاث.
وأضاف المصدر أن ريف دمشق الشرقي لم يشهد اليوم خروج أية تظاهرات، وأن بلدتي الزبداني ومضايا في ريف دمشق الغربي شهدتا تظاهرات.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)