مصطفى أيدين، اسم شغل الاعلام التركي في اليومين الماضيين، وطغت الحادثة المرتبطة به على ما عداها من تطورات داخلية وخارجية تؤدي تركيا دوراً مركزياً فيها. فمصطفى أيدين هو مدير إحدى المدارس التركية في محافظة أرضروم شرق البلاد، وامتلك شهرة كبيرة لقاء تفوُّهه بكلمات قليلة خلال مؤتمر نظّمته الشرطة التركية في أرضروم نفسها يوم الاثنين الماضي حول «السلام» المجتمعي ووسائل تفادي العنف لدى الأطفال. قال أيدين، أحد المشاركين في المؤتمر المذكور الذي حضره كبار رؤساء أقسام الشرطة والمسؤولين عن القطاع التربوي، إن على الدولة «أخذ عينات من دم السجناء الذين ارتكبوا جرائم، وبناءً عليها وضع خرائط جينية جرمية، لمقارنتها مع الخريطة الجينية التي يجب أن تؤخَذ من دم جميع الأطفال في تركيا فور ولادتهم. وعندما يظهر أنّ مولوداً يحمل خريطة جينية يحمل صاحبها ميلاً لارتكاب جرائم بحق الأمة والدولة، فعندها يجب قتل المولود فوراً قبل أن يصبح قادراً على الحبو والسير على أقدامه». كلام فجّر حملة كبيرة مناهضة للنظرية النازية الجديدة، ما أدّى إلى مسارعة وزارة التعليم التركية لفصل أيدين، أمس، من منصبه على رأس إدارة مدرسته «دومولبينار الابتدائية»، وفتح تحقيق قضائي فوري بحقه. وقد حاول أيدين وضع نظريته في إطار عام، بما أنّ «السلطات في الأرجنتين والبرازيل تناقش حالياً هذا الأمر على الأطفال». أكثر من ذلك، وصل الأمر بأيدين حدّ إعطائه أرقاماً ونسباً خاصة به مفادها أنّه «يستحيل على الأطفال أن يكون مستقبلهم (من ناحية السلوك الجرمي من عدمه) أفضل من سلوك ذويهم، بدليل أن 90 في المئة من الأطفال ذوي الخلفية العنفية يتحدرون من عائلات تعيش تحت خط الفقر، وجميع الأطفال في الحيّ الذي أعيش فيه هم سارقون يعيشون في مبانٍ معدمة، وقد طلبتُ من السلطات هدم مبانيهم (للتخلُّص منهم)، لكنها رفضت».
وقد حصلت الحادثة فور افتتاح المؤتمر المذكور، عندما قدّم البروفيسور يلديز أكبولات، من قسم العلوم الاجتماعية في جامعة أتاتورك، الموضوع حول السلوك العنفي لأطفال المدارس، وطلب من المشاركين الإدلاء بآرائهم حول المسألة، فما كان من أيدين إلا تفجير القاعة بنظريته النازية الجديدة. وقد مهّد لها بإعطاء مثال عن تلاميذ مدرسته، التي قال إنّ «معظمهم سارقون ويتعاركون بالسكاكين، إذ إنهم يتعلّمون سلوك المجرم والسارق من عائلاتهم».
ومشكلة الجرائم التي يرتكبها أحداث، كبيرة في تركيا، بما أنه في عام 2010، كان عدد المحكومين بقضايا جرمية في تركيا 2,789 حدثاً، ما أدّى إلى إصدار قانون يتضمّن إجراءات لإنشاء سجون ومحاكم خاصة بهذه الفئة العمرية، وآليات لإعادة تأهيلهم وإكمال دروسهم وتعليمهم مهناً وتخصيص معالجين نفسيين لهم... لكن من المعروف أيضاً في تركيا أن ظاهرة الأطفال الأكراد الذين يرمون عناصر الشرطة بالحجارة ويتم القبض عليهم، يصنّفون في خانة المجرمين، وينالون محكوميات مرتفعة. وقد سبق لوزير العدل آنذاك، سعد الله إرغن، أن رفض طلب الحزب اليميني المتطرف في تركيا، «الحركة القومية التركية»، إقرار عفو خاص عن الأحداث المحكومين قضائياً. ومن الأرقام اللافتة في ضخامتها بشأن نسبة الجنح والجنايات المرتكبة من قبل أحداث، أنّ 4773 حدثاً مثلوا أمام قاضٍ في 2002، لترتفع هذه النسب على الشكل الآتي: 5145 في 2003، و5267 في 2004 و5846 في 2005، ليقفز هذا الرقم بشكل هستيري إلى 29730 حدثاً عام 2006، وبعدها 37,902 في 2007 و42,182 في 2008، في مقابل 46,317 حدثاً مثلوا أمام المحاكم في 2009. وفي المحصّلة، فإنّ عدد المحكومين المساجين الأتراك ممن يبلغون بين 18 و20 عاماً هو الثاني على صعيد الدول الأوروبية مع 8,397 محكوماً، بعد بريطانيا التي تضم سجونها 8,514 محكوماً أعمارهم بين 18 و20 عاماً.
(الأخبار)