جوبا | بروكسل | لم يستطع رئيس دولة جنوب السودان، سيلفاكير ميارديت، في أول زيارة له إلى دول الاتحاد الأوروبي منذ توليه رئاسة الدولة الوليدة، استكمال تنفيذ برنامج زيارته لـ «سبب صحي»، ما جنّبه الرد على أسئلة البرلمانيين الأوروبيين، لتوضيح رؤيته حول العلاقات المتوترة حالياً مع الجار الشمالي. على الرغم من ذلك، حرص مستقبلو ميارديت في بروكسل، وأولهم رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، على تأكيد دعم جمهورية جنوب السودان في مجهودها لبناء دولة قابلة للحياة، وعلى ضرورة حل خلافاتها مع الخرطوم منعاً لاندلاع أي حرب. الجانب الأوروبي أبدى دعماً مطلقاً لبناء دولة جنوب السودان، التي تحصلت على 700 مليون يورو، كدعم ضمن برنامج 2011-2013 وقُدمت إليها هبة بـ 45 مليون كمساعدات إنسانية، كما ستتلقى دولة جنوب السودان، بعد أن تنضم إلى اتفاقية كوتونو، أموالاً أخرى ضمن برنامج مساعدة الدول الأفريقية المنظمة في إطار تنظيم دول أفريقيا والكاريبي، فيما تواصل الهيئات الأوروبية البحث عن برامج أخرى لمساعدة الدولة الفنية. وهذه المرة ستُدرج ضمن قائمة الدول الفقيرة لتستفيد من أموال دعم جديدة أيضاً.
ولم يخلُ الدعم الاقتصادي الواضح والثابت من طرف الاتحاد الأوروبي من الجانب السياسي، إذ عبّر الاتحاد عن دعمه للمسار التفاوضي مع السودان لحل القضايا الخلافية، وبينها قضية العوائد النفطية بين البلدين. وحث الاتحاد الأوروبي كلاً من دولة جنوب السودان والسودان على العودة إلى طاولة المفاوضات لحل الخلاف حول النفط عبر الحوار وتفادي الرجوع إلى الصراع المسلح.
وفي السياق، طلب الأوروبيون من ميارديت أن يبذل كل ما في وسعه لبناء علاقات صلبة قوية ومستقرة مع الجار الشمالي، بعدما أعربوا عن قلقهم من التصعيد بين الجارتين، ومن الانعكاسات الخطيرة لأزمة النفط على اقتصاد المنطقة، وما يمكن أن تخلّفه من آثار سلبية قد تؤدي إلى انطلاق حروب يتخوف منها الاتحاد الأوروبي.
وشهد الشهران الماضيان توتراً أمنياً خطيراً على الحدود ما بين جمهورية السودان والدولة الوليدة جنوب السودان، لم ينجح في تهدئته توصل الطرفين إلى اتفاقية «وقف العدائيات» برعاية من الاتحاد الأفريقي، إذ تستمر الخرطوم في توجيه اتهامات إلى جوبا بدعم المتمردين الذين يقاتلون الحكومة السودانية، وتحديداً الجبهة الثورية التي جرى تكوينها حديثاً وتضم عدداً من الفصائل المسلحة من دافور، فضلاً عن الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــــ قطاع الشمال.
في المقابل، كشف الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان، العقيد فليب اقوير بانينج، لـ «الأخبار» أن الجيش السوداني قصف مناطق في مقاطعة فارينق بولاية الوحدة في جنوب السودان بطيارة أنتونوف الحربية مطلع الأسبوع الحالي، على غرار ما فعل في أوقات سابقة، ما أدى إلى تدمير بعض من أنابيب البترول. إلا أن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني نفى هذا الاتهام. وأوضح أن كل ما يفعله الجيش السوداني هو الطلعات الجوية للطائرات الحربية، وذلك لتأمين الحدود، على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يجري الحديث فيها عن غارات من قبل الجيش السوداني. ففي الأمس القريب أكد وزير الإعلام بولاية الوحدة المنتجة للبترول، جديون قاتبان، سماع صوت انفجار ناجم عن قصف جوي بالقرب من مقاطعة فارينق بالقرب من منطقة هجليج على الحدود، مشدداً على أنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الانفجارات، إذ قصفت طائرة تابعة للجيش السوداني الشهر الماضي مناطق في داخل أراضي جنوب السودان بولاية الوحدة، أدت إلى مقتل مدني وتخريب آبار للبترول وخطوط الأنابيب، ليبقى التساؤل الأهم إلى متى يستمر الفتور في علاقة الخرطوم مع جوبا. ويترقب الجميع زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لجوبا مطلع الشهر المقبل لمعرفة ما اذا كانت ستتمكن من تحقيق اختراق في القضايا الخلافية، وفي مقدمتها إلى جانب عائدات النفط ملفا أبيي واستكمال ترسيم الحدود.