حطّ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أمس، في طهران، في مؤشر على استمرار التنسيق بين العاصمتين الإقليميتين، رغم التباين في الموضوع السوري، عملاً بمقولة «الخلاف في الرأي لا يفسد في الودّ قضيّة»، وخصوصاً أن بين البلدين مصالح مشتركة، ولا سيما في ما يتعلّق بالملف النووي الذي من المفترض أن تستضيف إسطنبول اجتماع الدول «5+1» بشأنه في نيسان المقبل. أردوغان استهل لقاءاته الإيرانية بالاجتماع مع النائب الأول للرئیس الإيراني محمد رضا رحیمي، الذي أكد أن طهران ترحب باستضافة تركیا للمحادثات المقبلة بین بلاده ومجموعة «5+1»، فيما سيكون الملف السوري على جدول محادثات أردوغان، حسبما قال دبلوماسي في العاصمة الإيرانية. وقال دبلوماسي في طهران إن الأحداث في سوريا ألحقت ضرراً كبيراً بالعلاقات، مشيراً إلى أن الكثيرين يعتقدون أن هذا أهم جانب في الزيارة.
وقال رحیمي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئیس الوزراء التركي، في ختام محادثات بين الطرفين، إن «موقف طهران إزاء الاستخدام السلمي للطاقة النوویة واضح للعالم أجمع، وإن تركیا في ضوء قربها من إیران وعلاقاتها الودیة معنا تشهد أكثر من الجمیع مواقف إیران الشفافة». وأوضح رحيمي أن إیران وضعت استثمارات ملحوظة في قطاع التكنولوجیا النوویة، قائلاً «إننا بناءً على الشریعة الإسلامیة، لا برنامج لنا في مجال التكنولوجیا النوویة سوى الاستخدام السلمي لها، وإن سماحة قائد الثورة الإسلامیة (علي خامنئي) أعلن هذا الموضوع صراحة أیضاً».
وأضاف رحیمي أن «الغرب لا یرید تقدمنا، ویسعى إلى احتكار التكنولوجیا النوویة لنفسه، لكننا مستعدون لوضع التكنولوجیا النوویة السلمیة في خدمة جمیع أصدقائنا وأشقائنا، وخاصة تركیا». وقال إن «تركیا كانت على الدوام صدیقاً ونصیراً لإیران، ودافعت عن مواقف إیران الحقّة في مختلف المحافل الدولیة».
ووصف المسؤول الإيراني العلاقات بین طهران وأنقرة بأنها أخویة وودیة للغایة، ولا یمكن المساس بها، مضيفاً أنه جرى في محادثات الیوم (أمس) اتخاذ خطوة واسعة أخرى في مسار تعزیز الصداقة بین البلدین.
من جهته، أكد رئیس الوزراء التركي، خلال المؤتمر الصحافي مع رحيمي، أن لا حق لأحد باستخدام القوة ضد بلد یقوم بأنشطته النوویة في مسار الأهداف السلمیة. وقال إن أي عقل سلیم یعارض استخدام الطاقة النوویة لأغراض التسلح، ولكن في الوقت ذاته لا ینبغي أن تحصل أي معارضة للأنشطة النوویة السلمیة.
وعن المفاوضات المقبلة بین إيران ومجموعة «5+1»، قال أردوغان «لقد طرحنا من قبل استضافة هذه المفاوضات في إسطنبول، وإن الجانب الإیراني كان قد أعلن أیضاً رغبته في هذا الأمر واستعداده له». وأضاف، لقد أجرینا مشاورات مع مجموعة «5+1» خلال الایام الماضیة في كوریا الجنوبیة، ونحن الآن بانتظار نتائج هذه المشاورات ووجهات نظرهم، مؤكداً القول «نحن نؤمن بدعم مسیرة المفاوضات هذه».
وفي جانب آخر من تصریحاته، أوضح رئیس الوزراء التركي أن العلاقات بین طهران وأنقرة شهدت خلال الأعوام الأخیرة قفزة لافتة، مشيراً الى أن «حجم التبادل التجاري بیننا تجاوز 16 ملیار دولار في نهایة عام 2011، ونهدف لرفع هذا الرقم الى 35 ملیار دولار حتى عام 2015». وأعلن أنه سیُعقد اجتماع مماثل لاجتماع طهران، خلال النصف الثاني من العام الجاري في تركیا بحضور رحیمي، وأن الأمور التي جرى البحث بشأنها في طهران أمس سيجري التأكید علیها ومتابعتها في تركیا.
وسيجتمع أردوغان، خلال زيارته التي تنتهي اليوم، مع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وكذلك مع الرئيس محمود أحمدي نجاد. ويضم الوفد المرافق لرئيس الوزراء التركي الى طهران كلاً من وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، ووزير الطاقة والثروات الطبيعية تانر يولدز، ووزير الاقتصاد ظفر جاقلايان، ووزير إعمار المدن والبيئة أردوغان ايراكتار.
وكان أردوغان قد وصل إلى طهران أمس آتياً من كوريا الجنوبية، حيث التقى الرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش قمة الأمن النووي في العاصمة سيول، ما أثار تكهنات بأن تركيا ستنقل رسالة من واشنطن إلى طهران، رغم أن مسؤولاً تركياً نفى ذلك. وقال المسؤول التركي «ليست هناك رسالة جديدة حول الشأن النووي. تركيا لا تحمل رسالة. هذه مجرد تكهنات. رسالتنا هي ما قلناه مراراً من قبل». لكن رئيس الوزراء التركي لم یردّ على سؤال أحد الصحافيين خلال المؤتمر الصحافي في طهران أمس، عمّا إذا كان یحمل رسالة خاصة من بعض المسؤولین الغربیین لإیران.
أما سفير تركيا لدى طهران أومید یاردیم، فقد أكد في حديث إلى وكالة أنباء «إرنا» الإيرانية أن من الممكن أن یشرح أردوغان لكبار المسؤولین الایرانیین نتائج مفاوضاته خلال لقائه مع أوباما في سيول، وكذلك نتائج مشاركته في قمة الأمن النووي. وعن استضافة تركيا للمفاوضات النووية، أوضح السفير يارديم أن كل شيء بشأن استضافة تركیا للمفاوضات یعود الى حصول اتفاق بین إیران ومجموعة 5+1، وعلى الطرفین أن یعلنا رغبتهما في هذه الاستضافة.
وكان أردوغان أعرب، قبل مشاركته في مؤتمر الأمن النووي، عن استعداد تركيا للتوسط في قضية البرنامج النووي الإيراني. وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة «فرانس برس» أمس، إن المفاوضات النووية بين إيران والقوى الكبرى في مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا) ستستأنف فعلاً في 13 نيسان المقبل، مؤكداً بذلك ما أعلنه وزير الخارجية الايراني علي أكبر صالحي في هذا الشأن. وأوضح الدبلوماسي أن المحادثات ستجري في مكان غير معروف بعد، بينما قال صالحي إن مكان المفاوضات «سيحدد في الايام المقبلة».
(إرنا، رويترز، أ ف ب)