بدأت أمس في أنقرة محاكمة منفّذ الانقلاب العسكري الذي حصل في 12 أيلول 1980 في تركيا، كنعان إيفرين، ورفيقه تحسين شاهنكايا، وهي محاكمة غير مسبوقة في تركيا التي استولى فيها الجيش على السلطة 4 مرات، في أعوام 1960 و1971 و1980 و1997. ولم يحضر الجنرالان الطاعنان في السن (إيفرين 94 عاماً وشاهنكايا 86 عاماً) والمريضان، الجلسة الأولى من محاكمتهما بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الدولة» خلال هذا الانقلاب الذي أُعدم فيه نحو خمسين شخصاً، واعتقل مئات الآلاف، معظمهم من اليساريين والإسلاميين والليبراليين والأكراد والمثقفين. وأمام قصر العدل في العاصمة، تجمع مئات المتظاهرين استجابة لدعوة العديد من الأحزاب اليسارية للمطالبة بتحقيق العدالة لضحايا الانقلاب. ورفع المتجمهرون لافتة كتب عليها «ضمير الانقلابيين أمام القضاء»، كما رفع بعضهم صور رفاق لهم قتلوا في السجن. وخلال الجلسة، دفع محامي المتهمين بعدم اختصاص المحكمة، علماً بأن التعديل التاريخي للدستور التركي الذي حصل في تموز 2010، ألغى المادة رقم 15 التي وضعها الانقلابيون في دستور عام 1982، والتي كانت تمنع محاكمتهم. لذلك، رفض القضاة هذا الاعتراض. كذلك حضر الجلسة أيضاً العديد من نواب الأحزاب الرئيسية الممثلة حالياً في البرلمان التركي، ممّن ادّعوا بالحق المدني ضد الانقلابيين. تجدر الإشارة إلى أن انقلاب 12 أيلول 1980 كان الأكثر دموية على الإطلاق من بين جميع الانقلابات التركية، إذ اعتقل خلاله نحو 650 ألف شخص، أُدين منهم نحو 250 ألفاً، وأُعدم 50، فيما توفّي العشرات في السجن جرّاء التعذيب. وقد اضطر أيضاً عشرات الآلاف من الأتراك إلى الهجرة بسبب الانقلاب وتداعياته.
وحتى الآن، تقتصر الدعوة القضائية بحق إيفرين (الذي ترأس تركيا من 1982 إلى 1989) وشاهنكايا على تهمة «ارتكاب جرائم ضد الدولة»، وهما يواجهان بهذه التهمة عقوبة السجن مدى الحياة. وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، سيزغين تانريكولو، إن «جلادي هذا الانقلاب لا يزالون في الخارج. ويجب أن يحاكموا هم أيضاً على أفعالهم أمام القضاء. وإلا فإن العدالة لن تتحقق».
ومع بدء هذه المحاكمة التاريخية، يكون حكام حزب «العدالة والتنمية» قد سجّلوا نقطة جديدة في مسلسل فوزهم على جنرالات الجيش، وخصوصاً على هؤلاء الذين لا يزالون مصرّين على العودة بالزمن إلى الوراء، تحديداً إلى الأيام التي كان فيها الجيش الحاكم المطلق البعيد عن أي مساءلة أو رقابة لكونه «مؤسِّس الجمهورية وحامي قيمها الكمالية».
(أ ف ب، الأخبار)