أمام تأكيد استطلاعات الرأي تقدُّم مرشح الحزب الاشتراكي، فرانسوا هولاند، للدورة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة بعد غد الأحد، لم يجد المرشح ـــ الرئيس، نيكولا ساركوزي، سوى استخدام السلاح الثقيل للتظلُّم من «الديموقراطية على الطريقة الفرنسية» في فرض توزيع أوقات الظهور على شاشات التلفزيون بالتساوي بين جميع المرشحين، بغضّ النظر عن قوتهم الشعبية أو الحزبية. أما هولاند، فارتأى بدوره مواجهة التقدم المستمر لمرشح «جبهة اليسار»، ونواتها الحزب الشيوعي الفرنسي، جان لوك ميلانشون، بمحاولة إرسال إشارات إلى تقارُب العديد من وجهات النظر بينه وبين ميلانشون، لعلّه يتمكن من اجتذاب أصوات من أمام المرشح اليساري «الراديكالي» ميلانشون.
وتفيد آخر استطلاعات الرأي بأن هولاند سيحتل الصدارة في الدورة الأولى بفارق بسيط عن ساركوزي، أو بأسوأ الأحوال سيأتي بفارق ضئيل وراءه بحصوله على ما يقارب 28 في المئة من الأصوات، على أن يتفوّق عليه في الدورة الثانية. أمام هذا الواقع، واصل ساركوزي حملته الكلامية القوية لعلّها تصوّره في عيون الناخبين المتردِّدين بموقع المظلوم، من خلال الإيحاء بأنّه يواجه 9 مرشحين يسعون جميعاً إلى إطاحته. وفي إحدى آخر جولاته الانتخابية للدورة الأولى، نقلت صحيفة «لوموند» عن ساركوزي قوله ساخراً «أظهرُ في برامج تلفزيونية بين شخصين (مرشحين) لا أعرفهما، ممن يأتون مرة كل 5 سنوات (في كل دورة انتخابية) كأنهم يشاركون في مهرجانات كان، ثمّ يختفون. إنها ديموقراطية شكلية تثير استغراب العالم كله، حتى إن الفرنسيين ينظرون إليها بكثير من التشكيك». وواصل ساركوزي حملته ضدّ القاعدة القانونية التي تفرض توزيع أوقات الظهور التلفزيوني بالتساوي على جميع المرشحين الرئاسيين، مشيراً إلى أنه يخوض منذ 5 أسابيع «معركة 9 ضد واحد، وعندما أتذكّر أنهم يقولون إنني أسيطر على وسائل الإعلام، أتساءل بماذا يفيدني ذلك إن كنتُ عاجزاً عن الاستفادة منها؟». وحاول ساركوزي إعادة حشد المعنويات لدى أنصاره بالتأكيد أنه «بطاقتنا ووحدتنا، سندحرج الجبال، جبال الورق التي يحاولون بناءها ضدنا، ضدي». وختم خطابه الناري بالقول «إذا كنتُم تريدون الحزب الاشتراكي، صوّتوا لحزب الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف)، متّهماً الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران بالازدهار لـ14 عاماً من عهده بفضل «الجبهة الوطنية».
في المقابل، كان هولاند مهتماً بالتقرُّب من ميلانشون، لافتاً إلى أنه يملك نقطة مشتركة مهمة معه، وهي رفض المعاهدة المالية الجديدة لضبط الموازنة الخاصة بكل دولة «مثلما جرى إقرارها في آذار الماضي»، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «لوفيغارو». وأضاف هولاند أنه «يمكن التشديد على النقاط التي تفرّق بيننا، لكن أيضاً يمكن ملاحظة ما يجمعنا، كنّا أنا وميلانشون في الحزب نفسه، بالتالي هناك الكثير من النقاط المشتركة». غير أنّ هولاند نفى نفياً قاطعاً أنه يسعى لعقد اتفاقات للدورة الانتخابية الثانية مع ميلانشون (تعطيه التوقعات بين 15 و17 في المئة)، إضافة إلى مرشح الوسط فرانسوا بايرو (نحو 10 في المئة، في مقابل نحو 14 في المئة لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان). ورداً على سؤال بشأن هذا الموضوع، أجاب المرشح «الاشتراكي» بأنه «لا مكان في الانتخابات الرئاسية للمفاوضات بين الأحزاب ولا للتسويات ولا للمقايضات».
وتفادياً لحصول أي تراخٍ في معسكر ناخبيه المفترضين مع تقدُّمه في استطلاعات الرأي الأخيرة قبل انتهاء الحملات الرئاسية، حذّر هولاند من أن «المعركة لم تنتهِ بعد»، معرباً عن خشيته من الكتلة الضخمة التي ينتظر أن تقاطع الانتخابات، والتي يُقدَّر أن تناهز نسبة ربع الناخبين الـ45 مليوناً. أما الوعد الانتخابي الخارجي الأبرز الذي كرّره هولاند في حال وصوله إلى قصر الإليزيه، فكان إنجاز الانسحاب الفرنسي من أفغانستان في أواخر العام الجاري، ليقتصر التعاون الأمني بين باريس وكابول على تدريب القوات الأمنية الأفغانية، على حدّ تعبيره.
(الأخبار)