تراجعت الآمال في اليونان بتشكيل حكومة ائتلاف بعد أسبوع من المشاورات السياسية غير المثمرة، ليكون إجراء انتخابات جديدة الحل الوحيد الباقي، رغم أنه قد يطيل أمد الأزمة ويعزز مخاوف منطقة اليورو والأسواق التي بدأت تنعكس عليها التطورات اليونانية سلباً. فبعد نهاية أسبوع من اللقاءات بين زعماء كافة الاحزاب المنتخبة في البرلمان والرئيس اليوناني كارولوس بابولياس، قاد الأخير أمس محاولة حاسمة لتشكيل حكومة «وفاق وطني» قبل اللجوء إلى خيار إعلان انتخابات جديدة ستنظم وفقاً للدستور خلال شهر.
وفيما يبدي زعيم الجبهة الديموقراطية انطونيس ساماراس، الذي حل في المرتبة الأولى، وزعيم حزب باسوك الاشتراكي، افنغيلوس فينيزيلوس، الذي حل في المرتبة الثالثة وزعيم حزب ديمار اليساري الديموقراطي فوتيس كوفيليس الذي حل في المرتبة الأخيرة، اتفاقاً «مبدئياً» لتشكيل حكومة ائتلاف، إلا أن كوفيليس يشترط مشاركة تحالف اليسار الراديكالي «سيريزا» الذي حل ثانياً في الانتخابات التشريعية في الحكومة. لكن رفض سيريزا الانضمام إلى الائتلاف الحكومي يجعل إجراء انتخابات جديدة الشهر المقبل في حكم المؤكد.
ووجه زعيم سيريزا، الكسيس تسيبراس، انتقاداته إلى الأحزاب الثلاثة، مشيراً إلى أن في إمكانها المضي قدماً من دونه بما أنها تحظى بغالبية، متهماً إياها بالسعي إلى تشكيل حكومة مكلفة تطبيق برنامج التقشف الذي وصفه بـ«الاجرامي».
ومن دون الدعوة إلى الخروج من منطقة اليورو، يريد سيريزا وقف خطة تصحيح الاقتصاد اليوناني التي وضعها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل المضي في دفع قروض دولية لأثينا. كذلك يطالب سيريزا بوقف تسديد قسم من الديون وإلغاء بعض التدابير المتخذة واتخاذ اجراءات أكبر لتحقيق نمو. وتظهر استطلاعات للرأي أن زعيم سيريزا سيحتل المركز الأول إذا أعيدت الانتخابات، ما يضمن له خمسين مقعداً إضافياً في البرلمان المؤلف من 300 عضو.
من جهتها، أعربت الصحافة اليونانية عن شكوكها في احتمال اجراء انتخابات. وعنونت صحيفة «نفتنبوريكي» الليبرالية «مأزق حكومي وتهديدات أوروبية»، مشيرةً إلى أن «المأزق السياسي يطول فيما تتلبد الغيوم فوق آفاق البلاد الأوروبية ويبعث شركاء اليونان وبروكسل رسائل تنطوي على تهديدات حول مستقبل أثينا»، وذلك بعدما أكدت الدول الأوروبية منذ الأسبوع الماضي أنه اذا أرادت اليونان أن تستمر في الحصول على مساعدة دولية وأن تكون عضواً في منطقة اليورو، فالسبيل الوحيدة هي احترام تعهداتها في إطار خطة التقشف.
أما صحيفة «اتنوس» فكتبت، في افتتاحيتها، «فتح حزب سيريزا الباب لانتخابات جديدة وهذه المرة ستكون بمثابة استفتاء. لقد طرحنا بأنفسنا هذه المعضلة، فهل نفضل اليورو أم الدراخما (العملة اليونانية قبل الانضمام إلى اليورو)؟».
من جهتها، أصدرت دول الاتحاد الأوروبي مواقف منتقدة لليونان، معربةً عن قلقها المتصاعد إزاء تأزم الاوضاع السياسية، داعية أثينا الى التزام الاتفاقات الاوروبية لضمان استمرارها في اليورو.
وحثّ وزير الخارجية الاسبانية، خوسيه مانويل غارثيا مارغايو، اليونان على تشكيل حكومة جديدة والتزام الاصلاحات الهيكلية الاقتصادية التي اتخذتها على عاتقها، فيما أكدت مستشارة اقتصادية للمستشارة الألمانية أنها لا تستبعد خروج اليونان من منطقة اليورو في ضوء الأزمة المالية المتفاقمة في اليونان.
وانعكست الأزمة في اليونان على أداء البورصات الأوروبية وخصوصاً أن غياب الحل السياسي طوال هذه الفترة أثار خشية المستثمرين من تأخر وحتى من تعليق المساعدات المالية الموعودة لأثينا. وتراجع اليورو إلى أدنى مستوياته في نحو أربعة أشهر، فيما ارتفعت العملات التي تعد ملاذات آمنة مثل الدولار الأميركي والين الياباني.
وفقدت أسواق الأوراق المالية في باريس أكثر من 2 في المئة في أولى عمليات التداول اليوم، فيما خسرت سوق لندن 1,33 في المئة وفرانكفورت 1,31 في المئة. أما في ميلانو، فتراجعت السوق إلى 2,02 في المئة ومدريد إلى 2,47 في المئة. وقد فاق التراجع في هاتين السوقين ما كان متوقعاً بعدما أعلنت بعض البنوك زيادة ملاءتها لتغطية التسليفات العقارية المشكوك في تحصيلها التي تملكها في محفظتها المالية.
(أ ف ب، رويترز، أ ب)