تعثر تشكيل الحكومة في اليونان وإجراء انتخابات جديدة طرح بقوة احتمال خروج البلاد من منطقة اليورو، وانعكاس ذلك بشكل كارثي على الاتحاد الأوروبي، لكن هناك أصواتاً ترى أن المنطقة محصنة وقوية. ويخشى البعض من أن تضطر دول منطقة اليورو الى مواصلة تقديم المساعدات المالية لأثينا الى ما لا نهاية لمنع انهيارها، غير أنهم يحرصون على الطمأنة مؤكدين أن منطقة اليورو محصنة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة خروج محتمل لليونان. أمور كثيرة تغيرت منذ بدء الأزمة اليونانية، بدءاً بتعزيز منطقة اليورو دفاعها في مواجهة الأزمات من خلال إنشاء «آلية الاستقرار الأوروبية» المزوّدة بقدرة كبيرة على منح قروض سترفع قريباً الى 500 مليار يورو. وتم خفض انكشاف المصارف الأوروبية على الديون اليونانية بشكل كبير. وذكر حاكم البنك المركزي الفرنسي كريستيان نواييه أن المصارف الفرنسية أمنت احتياطياً لتغطية حوالى 75 في المئة من انكشافها على ديون الدولة اليونانية.
كما استعدت الشركات في قطاعات أخرى لهذا السيناريو، ومنها وكالة السفريات السويسرية كووني التي تدرس إعادة التفاوض بشأن عقودها في اليونان تحسباً للعودة الى الدراخما. وحمل كل ذلك وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله على القول إن «منطقة اليورو بمجملها باتت أكثر قدرة على الصمود». ومثل هذا الوضع قد يشكل فرصة للأوروبيين للإفادة من رحلات وفرص شراء أراض وعقارات بأسعار منخفضة في اليونان.
لكن في مواجهة هذا التفاؤل، يبدي البعض الآخر تشاؤماً يصل الى حد التهويل، ومنهم المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي رأت أن الخروج من اليورو سيكون «مكلفاً للغاية، وليس بالنسبة إلى اليونان وحدها».
وفي هذه الحالة ستتبخر مدخرات اليونانيين، فيما يرتفع دينهم العام والخاص الى مستويات عالية جداً، وقد تقطع الأجور ومعاشات التقاعد عن موظفي الدولة، كما ستتوقف الشركات الأجنبية عن الاستثمار.
أما الخطر الأكبر فسيكون في انتقال العدوى الى الدول الأخرى التي تعاني أوضاعاً هشة في منطقة اليورو، مع خضوعها لضغوط الأسواق القلقة. وهو ما عبر عنه رئيس معهد المالية الدولية، تشارلز دالارا بقوله إن «الضغط على إسبانيا والبرتغال وإيطاليا، وحتى إيرلندا، سيكون هائلاً».
بدوره، حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني منذ الآن من أن خروج اليونان من اليورو قد يؤدي الى تخفيض تصنيف جميع دول الاتحاد النقدي الأخرى. وهذا سيضعف العملة الموحدة في مواجهة الدولار، وقد يزيد من مخاطر حصول انكماش في منطقة اليورو. إلى ذلك، ردت الطبقة السياسية في اليونان بحدة على الاقتراح الذي نسب الى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشأن تنظيم استفتاء في اليونان حول البقاء في منطقة اليورو أو لا. وعلى الرغم من نفي المستشارة في برلين، فقد أثارت هذه الفكرة موجة غضب لدى الأحزاب السياسية في أثينا التي انخرطت للتو في حملة انتخابية جديدة، هي الثانية في أقل من شهرين بعد انتخابات السادس من أيار التي لم تسمح لأي تشكيل سياسي بالحصول على الغالبية.
(أ ف ب، رويترز)