عشية بدء الجولة الثانية من المحادثات بين إيران ومجموعة «5+1»، التي تبدأ في العاصمة العراقية بغداد غداً، وفي ظل التقارير المتزايدة عن إمكان التوصل إلى تفاهم ما بين الطرفين، تقف الدولة العبرية أمام استحقاق موقف حاسم: إمّا بالتكيف مع الواقع، ولو مرغمة، أو الذهاب نحو خيارات، ثبت أنها متعذرة، تهدف إلى قلب الطاولة. في هذا السياق، نقلت صحيفة «هآرتس»، أنه في الوقت الذي يُصلِّب القادة الإسرائيليون مواقفهم ويحاولون توجيه رسائل مُقلقة تجاه أي اتفاق محتمل بين إيران والغرب، قدّرت جهات إسرائيلية رفيعة المستوى أن مجال المناورة الحقيقي لإسرائيل هو أوسع بكثير من المواقف المعلنة، وأن إسرائيل قد تقبل بمواصلة قيام إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبب محددة.
ومن بين المؤشرات التي استندت إليها الصحيفة بشأن إمكانية تبني خيار كهذا، البيان الصادر عن وزير الدفاع إيهود باراك، قبل عدة أسابيع، بأن إسرائيل «يمكن أن توافق على مواصلة تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 في المئة، مع إبقاء كميات من اليورانيوم جرى تخصيبها بهذه النسبة داخل الأراضي الإيرانية»، هذا مع الإشارة إلى أنه عاد وأكد في مناسبة أخرى ضرورة توقيف تخصيب اليورانيوم حتى بنسبة 3,5 في المئة.
ورأت «هآرتس» أن هذا الموقف الذي عبّر عنه باراك ونقله إلى الطرف الأميركي، يمثّل عملياً خروجاً على الموقف الرسمي المُعلن والمُتشدّد الذي يتبناه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي طالب بإخراج كافة كميات اليورانيوم التي جرى تخصيبها في إيران، وإيداعها عند دولة ثالثة.
ولفتت الصحيفة أيضاً إلى أن المؤشرات الآن تدل على سعي الدول العظمى وإيران إلى اتفاق انتقالي، يُفترض أن تُعلِّق بموجبه إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20في المئة، على أن يقترن ذلك بتوقيف نشاطات التخصيب في منشأة «فوردو» بالقرب من مدينة قم. وعلى أمل أن توافق إيران على إخراج 100 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، مقابل موافقة الدول العظمى على تعليق جزء من العقوبات ضد إيران.
وعن الاستراتيجية الإسرائيلية المقابلة، قال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، «إن إسرائيل ستصر على مواقف متشددة في الملف الإيراني، حتى لا تُقدّم الدول الغربية تنازلات بعيدة المدى لإيران، وإن إسرائيل ستواصل التحذير من النيات الإيرانية، وخاصة أننا نعرف أن الدول العظمى تريد التوصل إلى اتفاق مع إيران، ولأن الأجواء الإيجابية التي ترافق المحادثات قد تكون مخدّرة للدول الغربية»، حسبما نقلت «هآرتس».
في المقابل، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن تقديرات الأجهزة الأمنية الأميركية تشير إلى أن إسرائيل لن توجّه ضربة عسكريّة إلى إيران قبل نصف سنة من اليوم، وأن الولايات المتحدة الأميركية نفسها لن تقدم أيضاً على توجيه ضربة عسكرية إلى إيران قبيل الانتخابات الأميركية.
لكن «هآرتس» ذكرت أن الوضع الذي تشكّل في إسرائيل هو أنه لم تبقَ لديها قدرة تأثير على مسار المفاوضات مع إيران، وخاصة أن الطرفين الغربي والإيراني يعرفان أنه ما دامت المفاوضات متواصلة، فإن خيار مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية غير مطروح.
من جهة أخرى (مهر)، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، أن المحاثات التي أجراها أمس مع المدير العام لوكالة الطاقة يوكيا أمانو، كانت «محادثات جيدة»، مضيفاً أنه «سيكون لنا تعاون جيد في المستقبل في هذه المحاور الثلاثة»، مشيراً إلى التزام إيران تحقيق شعار نزع الأسلحة على الصعيد الدولي، والتصدي لنشر الأسلحة النووية، والاستخدام السلمي للطاقة النووية لجميع أعضاء معاهدة حظر الانتشار النووي NPT.
من جهته، نقل التلفزيون الإيراني عن يوكيا قوله: «أجرينا محادثات موسعة ومكثفة في أجواء طيبة. تقدم المحادثات سيكون له بالتأكيد تأثير إيجابي في المفاوضات بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد».
وخلال لقائه مساعد الرئيس الإيراني رئيس منظمة الطاقة الذرية فريدون عباسي دواني، أكد أمانو أن الوكالة ستوسع نطاق تعاونها في مختلف المجالات.
وذكر التلفزيون أنه خلال هذا اللقاء نوقشت المشاكل الراهنة بصراحة، وقُدِّمت مقترحات لإزالة نقاط الغموض ولتوسيع التعاون.
وضم الوفد المرافق لأمانو، الذي التقى أيضاً وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، كلاً من مساعد المدير العام للوكالة لشؤون قواعد السلامة هيرمان ناكايرتس والمساعد الخاص ليوكيا رافائيل غروسي.
(أ ف ب، أ ب، يو بي آي)