يبدو أن الولايات المتحدة قد أدخلت العالم في حرب جديدة صامتة، نظيفة، فتّاكة وغير مكلفة. هي «الحرب المعلوماتية» التي تشنّها أميركا سرّاً على إيران بالتعاون مع إسرائيل منذ عهد جورج والكر بوش، والتي تبنّتها إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما علناً، بعد تسريب بعض تفاصيلها للإعلام أخيراً. وبينما تفاوتت التقديرات حول نسبة «الضرر» الذي تسببت به «الهجمات المعلوماتية» الاميركية على البرنامج النووي الايراني لغاية الآن، علت أصوات بعض الخبراء والسياسيين للحدّ منها وطالب بعضهم بإصدار تشريعات دولية لمنعها.
ومنذ أيام، عاد موضوع «الحرب المعلوماتية» أو «حرب الانترنت» الى الواجهة، وخصوصاً بعدما اكتشف الروس في الأسابيع الماضية فيروس الكتروني جديد يفتك بمنطقة الشرق الاوسط وبإيران. لكن اهتمام بعض الصحف الاميركية بالموضوع وتكثيف الاخبار المتعلقة بالنجاحات التي تحققها الادارة ضد إيران في هذا المجال، قد يدخلان أيضاً في إطار الترويج الاعلامي السياسي خلال الحملة الرئاسية الأميركية المستعرة.
بعد انكشاف فيروس «ستاكسنت» Stuxnet للعالم في العام ٢٠١٠ «بسبب خطأ تقني أدّى الى خروجه عن نطاق عمله في أجهزة محطة «ناتانز» الايرانية»، كما سرّب للاعلام حينها، أدركت المؤسسات المتخصصة بالحماية الالكترونية والحكومات أن الولايات المتحدة تخوض حرباً خفية وصامتة على إيران. «ستاكسنت» كان، حسب التسريبات الاميركية، جزءاً من عملية هجوم كبيرة أطلقت في عهد الرئيس السابق بوش واسمها المشفّر «الألعاب الأولمبية». وبعد أشهر على ظهور الفيروس الى العلن أشارت معلومات الى أن إسرائيل تعاونت مع الولايات المتحدة في تلك العملية. وبينما أكدت التسريبات وبعض التصريحات الاميركية أن الهجوم اخترق نحو ٣٠ ألف جهاز كومبيوتر داخل إيران وجال في الملفات التي تحتوي على داتا صناعية ونفطية ونووية باحثاً عن البرامج التي يريد الفتك بها، أعلنت إيران في شباط الماضي أنها استطاعت عزل الفيروس وإزالته من الاجهزة التي هاجمها.
لكن الاعلان عن اكتشاف فيروس مؤذٍ جديد يدعى «فلايم» (أي الشعلة) Flame من قبل إحدى أكبر الشركات الروسية منذ أسبوعين، أثار الريبة والقلق عند خبراء المعلوماتية وبعض الناشطين السياسيين، وأعاد موضوع «الحرب المعلوماتية» الى واجهة النقاش الاعلامي.
منذ بداية الشهر الجاري، كشفت سلسلة مقالات في صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية، أن «الرئيس أوباما أمر بتسريع الهجمات المعلوماتية على إيران في اطار عملية «الألعاب الأولمبية» حتى بعدما كشف عن أحد عناصرها عام ٢٠١٠». «وفي اجتماع طارئ بعيد الخطأ التقني، ضمّ الرئيس أوباما ونائبه جوزف بايدن ومدير وكالة الاستخبارات المركزية حينها ليو بانيتا، تقرر أن يستمر العمل بالهجمة الفيروسية الالكترونية على إيران، وبعدها تمّ إطلاق هجومين آخرين على الأجهزة الإيرانية»، تشير الصحيفة. وتوضح الـ«تايمز» أن «المجتمعين كانوا يجهلون وقتها الى أي مدى استطاع الايرانيون كشف كودات البرنامج السري. لكنهم قرروا المضي بالهجوم بكل الأحوال». أحد مقالات الـ «تايمز» يكشف أن إطلاق الهجمات المعلوماتية الاميركية المستمرة على البرنامج النووي الإيراني «بني على مقابلات أجريت مع مسؤولين حاليين وسابقين أميركيين وأوروبيين ممن هم على صلة بالبرنامج وبعض الخبراء الدوليين لقياس مدى نسبة نجاح العملية». ويردف المقال «وقد تفاوتت النسب والتقديرات حول تأثّر البرنامج النووي الايراني بالهجمات، لكن المسؤولين في الادارة الاميركية يعتقدون أنهم نجحوا بتأخير البرنامج بين ١٨ شهراً وسنتين». لكن المقال يضيف أن «عدداً من الخبراء يشككون في ذلك ويقولون إن البرنامج النووي الايراني لم يتأذ كثيراً وإيران مستمرة بتطويره بالوتيرة نفسها».
الصحيفة تشير الى أن عملية «الألعاب الأولمبية»، لا تشبه الاختراقات التي قامت بها الاستخبارات الاميركية لبعض أجهزة الكومبيوتر الخاصة بقادة تنظيم «القاعدة» مثلاً، كما أنها تختلف عما قامت به الحكومة الاميركية خلال الهجوم الاطلسي الاخير على ليبيا حيث عطلت البرامج المسؤولة عن الطيران الدفاعي الليبي. وتشرح الـ«تايمز»، أن «الألعاب الأولمبية» هو هجوم «مكّن الولايات المتحدة من تحقيق ما لم يكن ليتحقق سوى بقصف إيران مباشرة أو بإرسال عملاء لزرع المتفجرات في البلد».
لكن تطوراً لافتاً سجل في الايام الاخيرة، إذ أعلنت شركة «كاسبيرسكي لاب» الروسية، وهي إحدى أكبر الشركات المختصة بمحاربة الفيروسات المعلوماتية في أوروبا، أنها اكتشفت «فيروساً جديداً يهاجم أجهزة في إيران ومنطقة الشرق الاوسط، يدعى «فلايم»، وهو صادر عن حكومة ويشبه الفيروس السابق ستاكسنت». المسؤولون الاميركيون أكدوا لـ«تايمز» أن «فلايم» ليس مرتبطاً بعملية «الالعاب الأولمبية» وليس جزءاً منها، لكنهم رفضوا تأكيد أو نفي علاقة الولايات المتحدة بإطلاقه. أما إيران فقد سارعت من جهتها إلى الاعلان عن تطوير فيروس مضاد لـ«فلايم» بعيد الاعلان عن كشفه.
«هو صندوق كبير من الفوضى سنندم أننا فتحناه يوماً»، يقول الباحث في «الجريمة المعلوماتية» الفنلندي، ميكو هيبونيم، في نقاش «نيويورك تايمز» أول من أمس. ويضيف أن «الهجمات المعلوماتية هي ناجعة وزهيدة الثمن ويمكن نفي القيام بها، لهذا تحبّها الدول». الباحث يخلص إلى أن «الجاسيوسية العالمية باتت رقمية وأن حرباً معلوماتية أطلقت ولا نعرف الى أين ستأخذنا». وفي النقاش برزت بعض الآراء التي أيدت «الهجمات المعلوماتية» على قاعدة «أن منافعها كبيرة جداً مقارنة بالمخاطر الواردة في كل الاحوال». المؤيدون رأوا في «الحرب المعلوماتية» حرباً «بديلة» من دون مشاهد تعذيب وقتل ودمار، فيما رأى البعض الآخر أنه «لا يجب على الولايات المتحدة أن تعتمد على الحرب المعلوماتية كسلاح هجومي بما أنها غير قادرة على الدفاع عن نفسها ضد السلاح ذاته»، وهي التي ترتبط كل أسواقها المالية وأنظمتها الدفاعية بأجهزة رقمية.



ولايتي يحث «5+1» على الاعتراف بحق ايران النووي


حثّ مستشار المرشد الأعلى الإيراني السيد علي خامنئي، وزير الخارجية الاسبق علي أكبر ولايتي (الصورة)، القوى العالمية على الاعتراف رسمياً بحقوق طهران النووية حتى يتسنى التوصل إلى «نتيجة مرجوة» في المحادثات المقررة بشأن برنامجها النووي في موسكو هذا الشهر.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) عن ولايتي قوله «أرجو أن تعترف مجموعة «5+1» بحق إيران النووي الثابت في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي وأن تتوقف عن الجلوس على الهامش». واضاف ولايتي أن «قبول حق إيران في استخدام الطاقة النووية سلمياً سيساعد على بلوغ المحادثات المقبلة في موسكو نتيجة مرجوة».
وفي اسطنبول، يناقش ممثلو نحو ثلاثين دولة غداً وبعد غد، الملف النووي الايراني، خلال اعمال المنتدى الوزاري الدولي لمكافحة الإرهاب.
(يو بي آي، أ ف ب)