استأنفت مجموعة الدول الست «5+1» وإيران، أمس، مفاوضاتهما حول البرنامج النووي لطهران في العاصمة الروسية موسكو، وسط «أجواء غير إيجابية» أعلنها مسؤول في الوفد الإيراني، فيما أبدى الرئيس محمود أحمدي نجاد مرونة تجاه موضوع التخلي عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة مقابل تأمين البديل. وبدأ وفدا إيران بقيادة كبير المفاوضين الإيرانيين، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، والدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) بقيادة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، أمس في موسكو محادثاتهما المقرر أن تنتهي مساء اليوم.
وعلى هامش المحادثات، قال مسؤول في الوفد الإيراني إنه «حتى الآن الأجواء غير إيجابية»، موضحاً أن «وضع نهج (للمفاوضات) هو المشكلة الرئيسية»، مؤكداً في الوقت نفسه أن هذا انطباع «أولي».
أما جلیلي، فقد رأى، من ناحيته، أن مباحثات موسكو توفّر أرضیة جیدة لاختبار حسن نوایا الغرب، قائلاً إن «الهواجس التي یطرحونها مع الاهتمام بردّنا والمحاور التي تم طرحها في اجتماع بغداد (في نيسان الماضي) توفّر أیضاً أرضیة جیدة لإثبات حسن نوایا الغرب».
في غضون ذلك، أعلن دبلوماسي قریب الصلة بالوفد الإیراني المفاوض أن الفریق الإیراني اتخذ استراتیجیة ثلاثیة في الجولة الأولى للمحادثات مع الدول الست. وأوضح لوكالة «إرنا» للأنباء الإيرانية أن الخطوة الأولى لهذه الاستراتیجیة هي انتقاد الجانب الآخر على إضاعته للفرصة المتاحة لمدة شهر منذ اجتماع بغداد الى الآن وعدم سعیه لعقد اجتماع المساعدین. وأضاف أن الخطوة الثانیة هي الدخول جدیاً ومن حیث المحتوى في موضوع النقاش حول المحاور المنظورة من قبل مجموعة «5+1»، والتي تم التأكید علیها قبل هذا الوقت في الاتصال الهاتفي بین جلیلي وأشتون. وتابع «سنقوم في الخطوة الثالثة بشرح دقیق للمحاور الخمسة المقترحة، والتي قدمناها تحریریاً في اجتماع بغداد».
في المقابل، قال مايكل مان، المتحدث باسم مسؤولة العلاقات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، إنه ستجري مناقشة الاقتراحات الإيرانية لحلّ أزمة الملف النووي خلال الاجتماع، إلا أنه قال إن الاقتراحات ليست محددة بما يكفي. وأضاف أن السداسية الدولية كانت قدّمت اقتراحاتها كتابياً وهي اقتراحات ملموسة. وأضاف مان أن الدول الكبرى متمسكة بمطالبها حيال إيران: وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة ومبادلة مخزون اليورانيوم المخصّب بنسبة 20 في المئة مقابل وقود نووي تحتاج إليه طهران. وقال دبلوماسي رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي إن «أشتون مستعدة للبقاء في موسكو الوقت الذي يتطلبه ذلك، لكنّ هناك أيضاً حدوداً للوقت. علينا أن نقول لا للمحادثات من أجل المحادثات».
وفي المقابل، تقترح مجموعة «5+1» تخفيف العقوبات الدولية (صدرت ستة قرارات دولية ضد إيران، منها أربعة مرفقة بعقوبات اقتصادية)، وتعاوناً في عدة مجالات نووية مدنية.
في هذا الوقت، أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، على موقع الرئاسة الإيرانية الإلكتروني، أن «الجمهورية الإسلامية من البداية أوضحت أنه إذا وفّرت الدول الأوروبية وقوداً بدرجة تخصيب 20 في المئة لإيران فهي لن تقوم بالتخصيب لهذه النسبة».
وفي طهران، قال رئیس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) إن إیران وضعت الكثیر من الحلول أمام مجموعة «5+1»، وعلى هذه المجموعة أن تستفيد من هذه الفرص لحل القضایا النوویة العالقة.
وكانت صحيفة «كومرسانت» الروسية أوردت أمس نقلاً عن مصادر دبلوماسية أن القوى العظمى ستقترح على إيران تسوية تقوم على أن تخفض طهران مستوى تخصيب اليورانيوم في مفاعل ناتنز الى 3,5 في المئة أو 5 في المئة في مقابل 20 في المئة حالياً. وسيتعيّن على طهران بموجب هذه التسوية أن تجمد كل نشاطات التخصيب في موقع فوردو (وسط) وحتى إغلاقه.
إلى ذلك، أفادت صحيفة «الغارديان» بأن تحقيقاً متعدد الجنسيات حول «مؤامرة» تفجير استهدفت دبلوماسيين إسرائيليين في وقت سابق من هذا العام قدّم أوضح دليل حتى الآن على تورط إيران. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الاستخبارات الغربية قولهم إن ثمن فشل جولة محادثات موسكو يمكن أن يكون مرتفعاً، جراء مخاوفهم من أن وابل الهجمات التي نفذتها عناصر إيرانية تُظهر أن طهران قادرة على ردّ غير متناسق، وتنصّل إسرائيل من استبعاد القيام بعمل عسكري إذا فشلت الجهود الدبلوماسية.
وأضافت أن مخاوف المسؤولين الاستخباريين الغربيين تستند إلى تحقيقات تشير إلى تورط إيران في مؤامرات في شباط الماضي ضد دبلوماسيين إسرائيليين في تايلاند وجورجيا والهند، حيث أبلغت أجهزة استخبارات الدولة الأخيرة المسؤولين الحكوميين أن الهجوم بقنبلة الذي أدى إلى إصابة زوجة الملحق العسكري الإسرائيلي بجروح خطيرة في نيودلهي في شباط الماضي «كان من عمل كيان أمني إيراني».
(مهر، إرنا، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)