إسطنبول، أنقرة ــ الأخبارمنذ الساعات الأولى لحادث إسقاط الطائرة التركية، والجانب التركي يتهم سوريا بإسقاط الطائرة قصداً خارج المجال الجوّي السوري على مسافة 13 ميلاً من السواحل السورية، معتمداً في اتهاماته هذه على مجموعة من الصور والاتصالات اللاسلكية بين الطائرة ومركز القيادة داخل الأراضي التركية، بحيث أكدت جميع هذه المعلومات والوثائق أن السوريين أسقطوا الطائرة بصاروخ وليس بالمدفعية المضادة للطائرات، كما يدّعي الطرف السوري.

وتمسك الأتراك بهذه الادّعاءات إلى أن فوجئ الجميع بتصريحات وزير الدفاع التركي، عصمت يلماز، أول من أمس، التي قال فيها إن جميع التدقيقات التي أجريت على حطام الطائرة وجثّتي الطيارَين لم تثبت أن الطائرة قد سقطت بصاروخ. وجاءت المعلومات التي نشرتها صحيفة «مللييت»، أول من أمس، نقلاً عن مصادر عسكرية رسمية حول أن الطائرة لم تلتقط أي إشارة من أي صاروخ معاد، وأن الرادارات التركية في المنطقة لم تصور أي صاروخ سوري في المنطقة استهدف الطائرة، لتثير العديد من التساؤلات.
وذكرت الصحيفة أنه لم يكن في الطائرة أي جهاز لتسجيل مكالمات الطيارين، كما لم يكن هناك أي اتصال بين الطائرة والقيادة في قاعدة دياربكر جنوب شرق تركيا. جميع هذه المعلومات كانت كافية لتدحض الادّعاءات التي أطلقها الأتراك منذ البداية بأن السوريين أسقطوا الطائرة بصاروخ على بعد 13 ميلاً، ولا سيما أن المدفعية المضادة للطائرات لا تصل إلى هذا المدى.
ويبدو أن هذه المعلومات انعكست على وسائل الإعلام التركية التي تحدثت عن ضغوط مورست على الإعلاميين الأتراك الذين كانوا يستعدون للذهاب الى دمشق لمقابلة الرئيس الأسد، فاضطروا إلى إلغاء الزيارة خوفاً من رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو. لكن مع ذلك لم يؤثرا على صحيفة «جمهوريات» اليسارية التي تحدث إليها الأسد، وكانت لأقواله ردود فعل واسعة جداً في الشارع التركي الذي خذل مرّة أخرى الثنائي أردوغان ــ داوود أوغلو، لأنّ حاله حال والد الطيار الذي أسقط السوريون طائرته، لا يريد الحرب مع الجارة سوريا. وأثبتت استطلاعات الرأي أن أكثر من 80 في المئة من الشعب التركي لا يفهم مبررات أردوغان وحججه لاستعدائها بعدما كان الصديق الحميم لبشار الأسد قبل 18 شهراً.
في المقابل، فإن المسؤولين الأتراك يسعون الآن الى تغيير الرواية التركية في المحافل الدولية بشأن إسقاط الطائرة. أنقرة الآن ستتمسك بالشيء الأهم، وهو أن الطائرة أسقطت من دون إنذار، وهذا يعتبر عملاً عدائياً، بحسب ما أوردت صحيفة «راديكال». ويقول الأتراك إن الطائرة كانت في مهمة تدريبية من أجل فحص نظام الرادار المحلي، قبل أن تصاب في الأجواء الدولية على أيدي السوريين من دون أي إنذار. ومن جهة ثانية، تشير الرواية التركية إلى أن الطائرة كانت تسير بسرعة وعلى علو منخفض، وكانت تبعد كيلومتراً واحداً فقط عن الخليج السوري عندما أُسقطت، فيما تقول سوريا إن الطائرة أصيبت بنيران مضادة للطائرات، برصاصات يصل مداها الى 5.2 كيلومترات وليس بواسطة صاروخ.
وكتب دنيز زيريك في «راديكال» أنه إذا لم تكن الطائرة قد أصيبت بصاروخ موجّه قادر على الوصول إلى الأجواء الدولية، يبقى هناك خيار واحد، هو أن الطائرة أصيبت بنيران مضادة للطائرات وداخل الأجواء التركية. وأضاف «الحكومة تُعدّ نفسها لشرح أن إسقاط الطائرة كان مستقلاً، والأهم من ذلك لشرح أين أُصيبت وكيف».
وأشار زيريك إلى أنه تحدث مع بعض الدبلوماسيين الغربيين الذين لا يفهمون سبب إصرار تركيا على روايتها بأن الطائرة أصيبت بصاروخ في الأجواء الدولية. وأضاف الكاتب أنه تحدث مع بعض المسؤولين في حزب «الحرية والعدالة» الحاكم، وقالوا له إنهم توصلوا الى هذه الرواية بناءً على معلومات أعطتهم إياها المؤسسة العسكرية. وبحسب الكاتب التركي، فإن أنقرة اليوم تستعد لعرض روايتها الآتية: إن الطائرة أسقطها السوريون من دون إنذار، وهذا انتهاك للقانون الدولي.