تمكنت وزيرة الداخلية في جنوب أفريقيا، نكوسازانا دلاميني ـــ زوما، من أن تصبح أول رئيسة لمفوضية الاتحاد الأفريقي، بعدما تغلبت على منافسها رئيس المفوضية المنتهية ولايته الغابوني، جان بينغ، حيث «حصلت على 37 صوتاً، أي أكثر بثلاثة أصوات من الأكثرية اللازمة للفوز»، على حد وصف مسؤول أفريقي رفيع المستوى. طليقة رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما، ليست حديثة العهد بالسياسة، فهي وزيرة الداخلية في بلادها حالياً ووزيرة للخارجية سابقاً. وهي الأكثر نفوذاً في جيلها في جنوب أفريقيا، بحسب وصف وكالة الصحافة الفرنسية. وتوصف بالمناضلة السابقة في مكافحة نظام التمييز العنصري في بلد شهد تحولات هامة على صعيد إنهاء حالة «الآبارتهايد» القائمة على التمييز العنصري تجاه الأكثرية السوداء.
لقد بدأت السيدة، المولودة في عام 1949، مسيرتها السياسية منذ كانت طالبة، حيث التحقت بالمؤتمر الوطني الأفريقي الذي كان حربة النضال في وجه نظام التمييز العنصري حينها. انخراطها في النشاط النضالي وضعها قيد ملاحقة رجال الأمن، الذين أجبروها على الرحيل عن بلدها، فاختارت بريطانيا منفى لها، حيث واصلت دراستها في جامعتي بريستول وليفربول. لكن وجودها في المنفى القسري لم يحدّ من رغبتها في متابعة النضال ضد النظام العنصري الذي كان يتحكم بمفاصل السياسة والمجتمع في جنوب أفريقيا، فأسهمت من منفاها في تنظيم نضال المؤتمر الوطني الأفريقي في الخارج. وارتقت المراتب واحدة تلو الأخرى داخل الحزب.
وفي سوازيلاند، المملكة الأفريقية المجاورة لبلدها، حيث كانت تمارس مهنة طب الأطفال في مستشفى، تعرفت إلى الرئيس جاكوب زوما. وأصبحت زوجته الثالثة في عام 1982، لكن الطلاق وقع بينهما سنة 1998. عودتها من المنفى كانت عام 1990 بعدما أصبح المؤتمر الوطني الأفريقي حزباً شرعياً. هناك، بعدما بدأ السود بقطف ثمار نضالهم الطويل، تابعت نشاطها السياسي ودخلت السلطة مع الفاتحين من أبطال المؤتمر الوطني، وعلى رأسهم نيلسون مانديلا، الذي تسلم مقاليد الحكم، والذي كلّفها في عام 1994 بوزارة الصحة. منصب كان يحتاج إلى جهد كبير لإنهاء نظام الصحة العمومية الذي كان يقوم على مبدأ التمييز العنصري. لعل أهم إنجازاتها في هذا القطاع نجاحها في التصديق على قانون يسمح للمواطنين الأكثر فقراً بالحصول مجاناً على العلاج الأساسي.
دلاميني زوما (63 عاماً)، التي قادت دبلوماسية جنوب أفريقيا طوال عشر سنوات من 1999 إلى 2009 قبل تعيينها وزيرة للداخلية، «امرأة سياسية محنكة، تتمتع بخبرة ولم يسهب الإعلام في التحدث عن نجاحاتها، لكن حصيلتها في الممارسة السياسية تشهد لها»، حسبما ذكر محللون لوكالات الأنباء.
وربما كان أسلوبها البراغماتي في السياسة أحد أهم أسباب نجاحها واستمرارها، فهي على ما يذكر العارفون بشؤونها تأخذ عملها على محمل الجد وتنجح في تعيين إداريين جيدين جداً، كذلك تختار مهنيين موهوبين، الأمر الذي يعطيها صدقية في اختيار طواقم العمل في أي قطاع من القطاعات التي تسلمت مسؤوليته. كذلك تمكنت من إعادة تنظيم وزارة الداخلية وتنظيفها من الفساد بعدما تولّت الوزارة.
(الأخبار)