استخدمت روسيا والصين، أمس، حق النقض ضد قرار لمجلس الأمن مدعوم من الغرب هدد السلطات السورية بفرض عقوبات جديدة. وهذه هي المرة الثالثة التي تستخدم فيها روسيا والصين حق النقض لمنع صدور قرارات من مجلس الأمن، تهدف للضغط على النظام السوري. وحصل القرار، الذي كان سيمدّ تفويض بعثة مراقبين دوليين في سوريا لمدة 45 يوماً على موافقة 11 صوتاً، بينما امتنعت جنوب أفريقيا وباكستان عن التصويت. وقال المتحدث باسم البيت الابيض، جاي كارني، إن قرار روسيا والصين باستخدام الفيتو «مؤسف للغاية». وأضاف أن الولايات المتحدة لا تدعم مدّ بعثة مراقبي الامم المتحدة في سوريا، بعد الفشل في تمرير قرار مجلس الامن المدعوم من الغرب. وهاجم وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قرار موسكو وبكين، وقال إنه «يتعذر تبريره أو الدفاع عنه». وأعرب عن اعتقاده بأن هذا الموقف «سيجعل البلدين يدفعان ثمناً خطيراً في منطقة الشرق الأوسط دبلوماسياً وسياسياً، ويعطي الكثير من المراقبين انطباعاً بأنهما يضعان مصالحهما قبل حياة وحقوق الملايين من الشعب السوري، وسيتمّ تحميلهما بصورة متزايد مسؤولية تفاقم الأزمة في سوريا، وعرقلة مجلس الأمن من ممارسة الوظيفة التي أنشئ من أجلها». وأضاف هيغ أنّه «لن نتخلى عن جهودنا لتمكين مجلس الأمن الدولي من الارتقاء إلى مستوى مسؤولياته، وسنسعى لفرض عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي وحلفائنا لزيادة الضغط على النظام السوري، وسنتشاور مع شركائنا في مجموعة أصدقاء سوريا حول السبل التي تمكنها من محاكاة هذه الاجراءات أيضاً». وقال «سنستمر في دعم خطة كوفي أنان التي توفر أفضل أمل لإنهاء العنف في سوريا. وسنزيد من تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري وننظر بصورة عاجلة في سبل زيادة دعمنا للمعارضة السورية، ومواصلة عملنا في المساعدة على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والسعي إلى ردع الفظائع والانتهاكات».
من جهته، عبّر الوسيط الدولي في الازمة السورية كوفي أنان عن خيبة الامل لفشل القوى العالمية في التوصل لموقف موحد بشأن سوريا، فيما قالت المبعوثة الاميركية لدى الامم المتحدة سوزان رايس إن الفيتو المزدوج «خطر ويبعث على الاسى». وأضافت أن مجلس الامن «فشل تماماً»، بينما أشار سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة، مارك ليال جرانت، إلى أنّه «شعر بالفزع» لاستخدام روسيا والصين الفيتو. ومضى يقول «أثر أفعالهما هو حماية نظام وحشي، اختاروا تفضيل مصالحهما الوطنية على حياة ملايين السوريين».
بدوره، قال المندوب الفرنسي، جيرار أرو، إن من يؤيدون إجراء قوياً من قبل الأمم المتحدة بشأن سوريا لن يثنيهم شيء عن سعيهم. وقال أرو لمجلس الأمن «لا نستطيع ببساطة أن نتواطأ مع استراتيجية تجمع بين إجراء دبلوماسي زائف وبين الشلل». وتابع قائلاً «الفيتو المزدوج لن يوقفنا، سنستمر في مساعدة المعارضة السورية في طريقها إلى انتقال ديموقراطي في سوريا». وأشار إلى أنّ «حرمان كوفي أنان من أدوات الضغط التي طلبها يعني تعريض مهمته للخطر»، وأضاف أنه «من الواضح أن روسيا لا تريد الا منح النظام السوري المزيد من الوقت لسحق المعارضة».
من ناحيته، عبّر وزير الخارجية الإيطالي، جوليو تيرسي، عن القلق العميق بشأن استخدام الفيتو الروسي ــ الصيني، معتبراً أن ذلك يشعر النظام السوري بالحماية. ورأى تيرسي أن التصويت من شأنه أن «يخلق لدى النظام السوري الإحساس بالحماية الفعالة من جانب دول أعضاء في مجلس الأمن، تمكِّنه من العمل طليق اليدين لارتكاب المزيد من أعمال العنف المروعة».
ولا يزال أمام المجلس المكوّن من 15 عضواً وقت للتفاوض على مشروع قرار آخر بشأن مصير بعثة المراقبين غير المسلحين، قبل أن ينتهي أجل تفويض أولي مدته 90 يوماً، في منتصف ليل اليوم الجمعة. واقترحت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والأمم المتحدة في القرار الذي أحبطه الفيتو إدراج خطة المبعوث الدولي كوفي أنان ذات النقاط الست في إطار الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، الذي يتيح لمجلس الأمن التفويض باستخدام إجراءات تتراوح بين العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية إلى التدخل العسكري. ويقول أعضاء المجلس الغربيون إنهم يتحدثون عن تهديد بفرض عقوبات على سوريا وليس عن تدخل عسكري. وتضمن مشروع قرارهم تهديداً محدداً بفرض عقوبات، إذا لم تتوقف السلطات السورية عن استخدام الأسلحة الثقيلة وسحب قواتها من البلدات والمدن في غضون عشرة أيام.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)