أنقرة | قرّر حزب «الحرية والعدالة» الحاكم في تركيا، الذي تبنى شعار «عدم التسامح مطلقاً مع التعذيب»، تعيين مدان سابق بالتعذيب، هو سيدت سليم آي، نائباً لرئيس شرطة اسطنبول مسؤولاً عن قسم مكافحة الإرهاب. ولقي تعيين سليم آي انتقادات شديدة من المنظمات الحقوقية وأحزاب المعارضة، فضلاً عن الأصوات المعارضة التي خرجت من داخل الحزب الحاكم نفسه. وأطلق مفكرون أتراك حملة توقيعات من أجل تنحيته.
لكن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان دافع عن تعيين سيدت، واتهم الأفراد الذين تعرضوا للتعذيب على أيدي سليم آي وفريقه بأنهم يحاولون نصب الفخاخ لنائب رئيس الشرطة الجديد. واضطر آي وفريقه الى مواجهة عدة تهم بالتعذيب، وادعت إحدى الضحايا في مرة من المرات بأنها تعرضت للاغتصاب، والضحية هي آسيا زيبك، التي كتبت كتاباً حول تعرضها للتعذيب والاغتصاب. وأدانت محكمة الجنايات المحلية آي وبعض أفراد فريقه بهذه التهم في 2002 وحكمت عليهم بالسجن لمدّة عام.
وعادة ما تأخذ المحاكم الجنائية التركية قراراتها من قبل لجنة مؤلفة من 3 قضاة، والاتفاق على القرار يستلزم موافقة قاضيين منهم. لكن في حالة آي وفريقه، عارض أحد القضاة الحكم، وقال إن هناك العديد من اداعاءات التعذيب بحق آي وفريقه ومن قبل عدة أشخاص، وإن الأدلة تشير الى أنهم يطبقون التعذيب كمنهج وبصورة موسعة، وعليه يجب تشديد عقوباتهم. مع ذلك، فإن محكمة الاستئناف كانت غير قادرة على التوصل الى الحكم في الوقت المناسب، وسقطت بالتالي القضية بسبب عامل الزمن.
لكن ضحايا آي وفريقه لم يكتفوا بالقضاء التركي، ولجأ العديد منهم الى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أدانت بدورها تركيا بتهمة عدم كفاية التحقيق. ورغم هذه الحقائق، فان أردوغان، وخلال إجاباته عن أسئلة الصحافيين حول قضية آي، قال إن الأخير لم يُدن بتاتاً، وإن من يعارضون تعيينه يحاولون أن يؤذوا الحكومة.
مع ذلك، فان تعيين آي لقي ردود فعل من قبل شخصيات بارزة في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. وعرضت آيغي بوهرلر، إحدى مؤسسي الحزب ولجنته التنفيذية، القضية أمام اجتماع مغلق للحزب، وهنا أيضاً دافع أردوغان عن آي وقال إن ما يثار حوله «غير صحيح»، وسأل آيغي ان كانت تشتق معلوماتها من وكالة أنباء الفرات الموالية لحزب العمال الكردستاني.
من جهته، قرر حزب الشعب الجمهوري المعارض اللجوء الى المجلس الأوروبي من أجل تقديم شكوى ضد تركيا. وقال نائب الرئيس سيزجين تاريكولو إن «خطاب أردوغان يشير الى أنه يحمي الجلادين، وهذا يجعله شريكاً في الجريمة».
في غضون ذلك، أطلق مفكرون أتراك حملة لإقالة آي، وأحد هؤلاء هو البروفسور في جامعة نكميتين إرباكان سايت إيمغك، المسؤول عن قسم اللاهوت، الذي أكد أن «المسلمين المؤمنين يجب أن يدافعوا عن الحق. يجب أن لا يلوذوا بالصمت ان لاحظوا شيئاً غير عادل».