لم يستطع اعصار «إسحق» تقديم خدمة كبيرة للجمهوريين الذين يجتمعون اليوم في مدينة تامبا (ولاية فلوريدا) في مؤتمرهم العام قبل الانتخابات الرئاسية في 6 تشرين الثاني المقبل، إذ وبعد إرجاء افتتاح المؤتمر لصباح اليوم، بدا واضحاً أنّ حدة العاصفة لن تمنع المتظاهرين المتوقعين (ديموقراطيين او مستقلين) من التواجد بكثرة أمام مركز المؤتمر، لمحاولة التشويش على الحاضرين، إذ بدأت الحافلات التي تحمل أعضاء من حركة «احتلوا وول ستريت» و«كود بينك» وغيرها من منظمات المجتمع المدني تصل الى مدينة تامبا في فلوريدا. لكن منظمي المؤتمر، الذين لا يستطيعون منع احد من التظاهر خارج مقرهم، قرروا تجنب التشويش الداخلي، فنُفي مندوبو الحزب القادمون من ولايات اوكلاهوما، ومينيسوتا، وماين، ولويزيانا، ونيفادا إلى الصفوف الخلفية لقاعة الاجتماع الرئيسية في المؤتمر.
فهؤلاء موالون بمعظمهم للمرشح الرئاسي السابق، النائب رون بول، الذي لم ينسحب رسمياً من السباق حتى الآن، وحصل على 158 مندوباً.
وتبدو الامور فاقعة جداً في اقصاء بول ومناصريه، اذا اطلع المرء على خارطة جلوس المندوبين بدقة، ووجد أنّ الآتين من جزر العذراء الأميركية، وجزر الساموا وبورتو ريكو (مندوبوها لا يصوتون في المؤتمر العام) يجلسون في الصفوف الأمامية. إذ يخاف كبار «الحزب العظيم» أن يقوم مناصرو بول بالتشويش على تنصيب ميت رومني رسمياً كمرشح لمنافسة باراك أوباما. ويأتي ذلك بعد رفض بول شروط كبار حزبه ليسمحوا له بإلقاء كلمة في المؤتمر، وهي مناصرة رومني بالكامل.
لكن جماعة رون بول ليسوا المجموعة الوحيدة غير المرغوب بها في المؤتمر، إذ لن ينال المثليون الجمهوريون ما يطالبون به من حزبهم، أي الاعتراف بحقوقهم في هذا المؤتمر أيضاً. إذ تسربت الوثيقة التي ستعتمد في المؤتمر قبل يومين، وفيها يعلن الحزب بوضوح مطالبته بتطبيق قانون طرد المثليين من الجيش، والاعتراف بـ«الزواج الطبيعي» خارج المؤسسة العسكرية. لكن المثليين الجمهوريين لم يتركوا ذلك يحبطهم، إذ حضروا حفلة قبل بدء المؤتمر نظمتها مجموعة «Log Cabin Republicans» التي تناصر حقوق المثليين والمثليات والمتحولين جنسياً داخل الحزب، وسيشارك العديد منهم في المؤتمر، رغم إعلان أحد وجوه الحزب، ويدعى براين فيشر، عن أنّ مكان هؤلاء هو الحزب الديموقراطي.
واستطاع رومني، قبل بدء المؤتمر، أن يحكم سيطرته على الحزب، إذ أقرّت لجنة القوانين تعديلاً على النظام الداخلي للانتخابات التمهيدية، يوم الجمعة الماضي، يقضي بأن يتمكن كل مرشح ينال أعلى نسبة اصوات في أي ولاية من الحصول على مندوبيها إلى المؤتمر العام، ليصبح الانتخاب أكثرياً على مستوى الولاية، وليس على مستوى أقضيتها. ويريد رومني بذلك أن يمنع أي مرشح صغير من منافسته في 2016، سواء نجح في الوصول الى البيت الأبيض هذا العام أو لم ينجح.
ومن بين ما استطاع رومني فرضه على المؤتمر ايضاً، حضور الكاردينال تيموثي دولان (وهو يرأس تجمع الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة) لمباركة ترشيحه بعد التصويت ليلة الخميس. ويمثل حضور دولان انتصاراً جزئياً لرؤية نائب رومني، بول راين، في موضوع التغطية الصحية، على رأي كبار مستشاري رومني. إذ يعارض دولان مشروع أوباما كونه يغطي تكاليف الادوية التي تسبب الإجهاض والعقم، وهو ما ترفضه الكنيسة الكاثوليكية الأميركية، بطبيعة الحال.
ومن بين نجوم «الحزب العظيم»، سيغيب اشهر رجال عائلة بوش عن المؤتمر، وسيمثلها الأقل شهرة فيها، أي جيب بوش، حاكم فلوريدا السابق، الذي سيلقي كلمة الخميس. أما والد جيب وشقيقه، جورج الأب وجورج الابن، فسيغيبان كل لأسبابه. فالأب صحته لا تسمح له بالحضور، رغم شعبيته الكبيرة بين الجمهوريين وتأثيره على قطاع واسع من الناخبين، فيما الابن هو Persona non grata (شخص غير مرغوب فيه) في المؤتمر، نظراً لانخفاض شعبيته الكبير بين الجمهوريين. وكان ذلك واضحاً منذ بداية الحملات الانتخابية هذا العام، إذ ابتعد رومني عن الرئيس السابق، ولم يوافق على حضور أي مهرجان شعبي، حتى في تكساس.
وفي آخر استطلاع للرأي نشرته مؤسسة راسموسن مساء الاحد، كان اوباما يتقدم على رومني، مع توقع حصوله على 47 في المئة من الأصوات مقابل 45 في المئة لمنافسه الجمهوري.