في ظلّ فشله في الالتزام بوعوده بالتغيير التي قطعها قبل أربع سنوات، وبسببها فاز بانتخابات الرئاسة، أقرّ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بأن الأمل، الذي كان شعار حملته، تزعزع بفعل المصاعب، لكنه وعد الأميركيين بأن التغيير لا يزال ممكناً، فيما شنّ مع رفاقه الديموقراطيين في اليوم الأخير من المؤتمر الوطني للحزب في شارلوت ــ نورث كارولينا، هجوماً شاملاً على الخصم الجمهوري ميت رومني.
وفي خطاب حماسي ألقاه أمام حوالى ستة آلاف مندوب شاركوا في المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي، عدّد أوباما أهم التحديات: «تكلفة الحرب، وإحدى اسوأ الازمات الاقتصادية في تاريخنا، والعرقلة السياسية التي دفعتنا الى التساؤل عما اذا كان لا يزال بالامكان ان نكون على مستوى تحديات عصرنا»، معتبرا ان هذه المصاعب «زعزعت الأمل لدى الأميركيين». وأضاف «في كل ملف، لن يكون خياركم فقط خياراً بين مرشحين او حزبين، بل سيكون خياراً بين طريقين مختلفين بالنسبة إلى الولايات المتحدة».
وبعد 4 سنوات على اندلاع الازمة المالية، رأى أوباما أن حل الأزمة يعني بالنسبة إلى الولايات المتحدة «جهداً مشتركاً ومسؤولية مشتركة ونوعاً من التجارب الشجاعة والدائمة التي قام بها فرانكلين روزفلت خلال الازمة التي كانت اسوأ من الازمة الحالية». وأكد أوباما «اذا تخليتم عن فكرة ان صوتكم يمكن ان يحدث فرقاً، فان أصواتاً أخرى ستأتي لتملأ هذا الفراغ: جماعات الضغط والمدافعون عن المصالح الخاصة والناس الذين يحاولون شراء هذه الانتخابات بشيكات كل منها بعشرة ملايين دولار، والساسة في واشنطن الذين يريدون أن يقرروا من يحق لكم أن تتزوجوا أو أن يقرروا بأنفسهم ماذا يجب على النساء أن يفعلن بأنفسهن»، في اشارة واضحة الى الزواج المثلي والاجهاض، اللذين يدافع عنهما الديموقراطيون ويعتزم الجمهوريون حظرهما.
وبما أن الخصم ميت رومني، ضعيف على جبهة السياسة الخارجية، رأى الديموقراطيون أن يهاجموه من هذه الناحية. وقال أوباما «ربما لسنا مستعدين للدبلوماسية مع بكين اذا كنا لا نستطيع أن نذهب الى الألعاب الاولمبية من دون أن نهين حليفنا الأقرب»، في اشارة الى الزيارة التي قام بها ميت رومني الى لندن، وانتقد خلالها البريطانيين بشأن الإعداد للألعاب الأولمبية، كما ندد الرئيس بتصريحات لخصمه أثارت حفيظة موسكو، مؤكداً «لا نصف روسيا بأنها العدو الاول، لا «القاعدة»، الا اذا كنا متحجرين في عقلية الحرب الباردة».
وفي نهاية خطابه، انضمت اليه زوجته ميشال وابنتاه ماليا وساشا على المنصة ثم نائبه جو بايدن وزوجته جيل، الذين حيوا الجماهير تحت وابل من قصاصات الورق البيضاء والزرقاء والحمراء، ألوان العلم الاميركي.
وقبل أن يعتلي أوباما المنصة في المؤتمر الوطني الديموقراطي، شدد نائب الرئيس جو بايدن والسناتور الديموقراطي جون كيري قبله على عدم خبرة المرشح الجمهوري على هذا الصعيد. وقال كيري «إنهما (رومني وراين) الثنائي الأقل خبرة في السياسة الخارجية، الذي يتقدم للرئاسة ونيابة الرئاسة منذ عقود». ولموقف كيري هذا وقع كبير، إذ إنه يرأس لجنة الشؤون الخارجية النافذة في مجلس الشيوخ، ويرد اسمه كوزير خارجية محتمل في حال فوز أوباما بولاية رئاسية ثانية.
وذكر كيري بأن الرئيس وضع حداً للحرب في العراق في نهاية 2011، وقام بتصفية زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن وباشر سحب القوات الاميركية من افغانستان. وقال «اسألوا أسامة بن لادن إن كان بوضع افضل مما كان عليه قبل اربع سنوات». ووصف ميت رومني بأنه مرشح «متطرف». وسخر من الجولة التي قام بها في تموز على بريطانيا وبولندا واسرائيل سعيا لاكتساب بعد دولي واثار خلالها انتقادات كثيرة.
وقال كيري «لم تكن هذه مهمة حسن نوايا، بل سلسلة هفوات»، مضيفاً «الرئيس ميت رومني، ثلاث كلمات افتراضية حيرت حلفاءنا وأثارت استنكارهم هذا الصيف».
ورغم الخطابات النارية للديموقراطيين، لكن سُجل أمس تباطؤ نمو الوظائف الأميركية على نحو مفاجئ في آب، مما يهيئ الأجواء أمام مجلس الاحتياطي الاتحادي لضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد المتباطئ الأسبوع المقبل، ووجه ضربة إلى الرئيس أوباما.
وقالت وزارة العمل إن الوظائف غير الزراعية ارتفعت 96 ألف وظيفة فقط الشهر الماضي. بينما انخفض معدل البطالة إلى 8.1 في المئة من 8.3 في المئة في تموز، ويرجع هذا في الأساس إلى الأميركيين الذين توقفوا عن البحث عن وظائف. وهو ما أسرع رومني الى تلقفه لتسديد ضربة في مرمى خصمه، قائلاً إن النتائج المخيبة للآمال حول الوظائف تظهر أن سياسات الرئيس الأميركي لا تنجح، وأن البلاد تستحق قيادة جديدة.
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)