بعد إعلان العميد المنشق مناف طلاس تسهيل الاستخبارات الفرنسية لعملية فراره من سوريا، اعترف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بأنّ فرنسا ساعدت عدداً من الشخصيات العسكرية السورية على الانشقاق عن النظام السوري. وأشار إلى أنّ فرنسا «أسهمت في عدد من عمليات الانشقاق، إن أجهزتنا تعمل بنشاط». وفي معرض حديثه عن المساعدة الفرنسية للمعارضة السورية، أكد فابيوس أنّ باريس لا تقدّم أسلحة. وأشار الى المخاوف من استخدام هذه الاسلحة في غير الوجهة التي أعطيت لأجلها. وأضاف «في المقابل هناك معدات اتصال مشفرة إضافة الى نظارات مكبّرة تتيح الرؤية ليلاً».
في سياق آخر، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنّ المبعوث العربي والدولي الى سوريا الأخضر الابراهيمي سيلتقي الرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارته لدمشق. وقال بان، في مؤتمر صحافي في برن، إنّه «رغم أنّنا ربما نشعر بالاحباط والانزعاج من عدم قدرتنا على التعامل مع الوضع في سوريا. يجب ألا نبالغ في التشاؤم حيال قوة المجتمع الدولي والتزامه، خصوصاً المنظمات الدولية». ودعا «جميع الدول الأعضاء الى إظهار عقلانية في تحمّل مسؤولية مشتركة حيال ما يجري من انتهاكات للحقوق والكرامة البشرية». وقال «على الدول التي قد يكون لها تأثير على الطرفين ممارسة» ذلك التأثير، ويجب أن تعمل من أجل «التوصل الى حلّ سياسي يعكس التطلعات الحقيقية للشعب السوري».
وفي السياق، أشادت إيران بمساعي مصر لإنشاء «مجموعة اتصال» جديدة لحلّ الازمة السورية، إلا أنّها أعربت عن رغبتها في توسيع المبادرة لتشمل العراق وفنزويلا. وقال نائب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللاهيان إنّ عرض مصر لاستضافة جلسة أخرى على مستوى الوزراء هو «خطوة إيجابية». ورحّب بهدف مصر المعلن، وقف العنف في سوريا من خلال «توافق» بين أعضاء المجموعة، استناداً الى ثوابث أهمها الوقف الفوري لإطلاق النار والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، ورفض أيّ تدخل خارجي. ودعا عبد اللاهيان إلى أن تشمل المجموعة «العراق، بوصفها تتولى رئاسة الجامعة العربية حالياً، وفنزويلا بوصفها جزءاً من المجموعة الثلاثية لحركة عدم الانحياز».
كذلك حذّرت طهران من أن أيّ تدخل عسكري في سوريا سيدخل المنطقة في «أزمة حادة». ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم وزارة خارجية الإيرانية رامين مهمانبرست، قوله في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، «إنّ التدخل العسكري في سوريا سيدخل المنطقة بأسرها في أزمة حادة». وأشار إلى أنّ الأزمة السورية ليس لها حلّ عسكري، بل الحل المناسب والمطلوب يتمثل في عدم تدخل الدول الأجنبية، وعدم تسليح الجماعات المعارضة ومنع النشاطات الإرهابية في هذا البلد». ووصف تلك التهديدات بأنها «غير منطقية وغير عملية، نظراً للظروف التي تمرّ بها المنطقة».
في المقابل، رأت فرنسا أنّ على إيران أنّ تحترم أولاً واجباتها الدولية قبل القيام بأي دور في حلّ الأزمة في سوريا، وذلك غداة الاجتماع الأول في القاهرة لمجموعة اتصال حول سوريا تضمّ طهران. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو «إن أرادت إيران الإسهام في الاستقرار الإقليمي، هناك عدد من الأمور يجب أن تقوم بها»، مضيفاً «يجب أن تكشف بدقة طبيعة برنامجها النووي، كما يجب أن تحترم قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وتابع «يجب كذلك أن تضع حداً للانتهاكات المتكررة والمستمرة لحقوق الانسان على أراضيها. ومع توافر هذه الشروط ستكون مرحباً بها في المساهمة في تحقيق هدف الاستقرار في المنطقة».
في موازاة ذلك، قال دبلوماسي رفيع المستوى إن مصر والسعودية وتركيا وإيران ستواصل مشاوراتها للوصول إلى حلّ للأزمة في سوريا، بعد محادثات القاهرة.
ولم يدلِ الدبلوماسي، الذي شارك في المحادثات، بتفاصيل عن الاجتماعات التالية. وأضاف أنّ المحادثات التي عقدت بين الدول الأربع «أتاحت تبادلاً مفيداً للآراء ووجهات النظر حول الموقف في المنطقة، وستواصل الأطراف مشاوراتها».
من جهته، أكد الملك الأردني عبدالله الثاني أهمية إيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية. وقال بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني إن الملك عبدالله الثاني أكد خلال لقائه نائب وزيرة الخارجية الأميركية وليم بيرنز «دعم الأردن لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا بما يحافظ على وحدتها وتماسك شعبها، ويضع حداً للعنف وإراقة الدماء في هذا البلد».
من ناحيته، أعلن الإليزيه أنّ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند استقبل، أول من أمس، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني، وبحث معه الازمة في سوريا. وأوضحت الرئاسة الفرنسية، في بيان، أن هولاند وحمد «تطرقا الى المبادرات المقبلة داخل مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وكذلك في إطار الاجتماع المقبل للجمعية العامة للامم المتحدة، الذي سينعقد في نيويورك أواخر الشهر الجاري».
بدوره، قال وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي، إن حالة الطوارئ في سوريا تمثّل أولوية لتحرّك بلاده، لافتاً إلى الحاجة إلى أن يتحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته للتسريع في بدء عملية التحوّل السياسي بقيادة سورية.
ونقلت وكالة أنباء «آكي» الإيطالية عن تيرسي قوله، خلال لقائه في روما بالكاهن الكاثوليكي باولو داللوليو الذي عمل في النشاط التبشيري في سوريا لعقود طويلة، إن «حالة الطوارئ المأساوية في سوريا تشكّل أولوية مطلقة لتحركنا»، لافتاً «في هذا الصدد إلى الأنشطة الإنسانية التي قامت بها إيطاليا لصالح اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا والأردن، حيث أقيم في الأخيرة مستشفى ميداني».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، مهر)