في خطوةٍ تعكس حدة التوتر الذي بلغته العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بسبب البرنامج النووي الإيراني، لن يلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال زيارة الأخير المرتقبة للولايات المتحدة الشهر الجاري.
وقال مسؤول اسرائيلي، طالباً عدم نشر اسمه، لـ«رويترز» إن مساعدي نتنياهو طلبوا عقد اجتماع حين يزور الولايات المتحدة هذا الشهر، مضيفاً «البيت الابيض رد علينا وقال إنه يبدو أن عقد اجتماع غير محتمل». ووفقاً للمسؤول الإسرائيلي فإن التبرير اقتصر على أن «جدول أعمال الرئيس لن يسمح بذلك». وبعد وضع المسؤول الإسرائيلي التبرير في خانة رفض أوباما لقاء نتنياهو، أصدر البيت الأبيض بياناً أكد فيه أن أوباما لم يرفض اللقاء، ولكنه لن يجتمع بنتنياهو بسبب اختلاف المواعيد. كما أشار البيت الابيض إلى أن نتنياهو سيجتمع مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومسؤولين كبار آخرين اثناء زيارته للولايات المتحدة.
وستكون هذه المرة هي الأولى التي لا يجتمع فيها نتنياهو مع أوباما خلال زيارته إلى الولايات المتحدة منذ العام 2009، وسط تقديرات بأن تهرّب الأميركيين من اللقاء يعود إلى خوف هيئة انتخابات الرئيس الأميركي من أن ينتهي اللقاء دون تفاهمات، وبالتالي «امكانية الوقوع في فخ سياسي» لجهة الخشية من أن يؤثر اللقاء غير الجيد مع صور متكدرة وغاضبة، على الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة.
كذلك يأتي تجنب أوباما لقاء نتنياهو بعدما رفضت الولايات المتحدة منح رئيس الوزراء الإسرائيلي سلّماً يمكّنه من النزول من أعلى الشجرة التي صعد إليها، عبر تحديد خطوط حمراء واضحة لإيران. وبدت واشنطن كمن يطلب منه القفز، عبر التراجع عن السقوف التي رفعها والتكيف مع الأداء الأميركي إزاء إيران. لكن رد نتنياهو على الموقف الأميركي الحازم جاء أمس عبر تصعيد لهجته. وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البلغاري، بويكو بوريسوف، إن «هؤلاء في المجتمع الدولي الذين يرفضون وضع خط أحمر أمام إيران، لا يملكون الحق الأخلاقي بوضع خط أحمر أمام إسرائيل». وأضاف «إن العالم يطلب من إسرائيل أن تنتظر لأنه لا يزال هناك وقت، وأنا أسأل: أنتظار ماذا، حتى متى؟». وتابع نتنياهو «حتى الآن نحن نستطيع القول بوضوح إن الدبلوماسية والعقوبات لم تنجح، رغم أنها مست بالاقتصاد الإيراني ولكنها لم توقف البرنامج النووي. والحقيقة الأخرى أنه في كل يوم يمر، إيران تقترب من القنبلة النووية».
وتساءل نتنياهو، عما ستفعله إيران اذا ما علمت بأنه لا يوجد خط أحمر أو حد زمني، قبل أن يؤكد أنها «ستفعل ما تفعله اليوم بالضبط، وهو أن تواصل العمل من أجل الحصول على سلاح نووي دون عائق».
هذا التصعيد الإسرائيلي قابله إعادة وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، التأكيد في مقابلة مع شبكة «CBS»، على موقف بلاده من توجيه ضربة لإيران. وقال إنه في حال قررت إيران انتاج سلاح نووي، سيكون لدى الولايات المتحدة أكثر من سنة من أجل إيقافها. وأكد وجود فرصة لواشنطن للقيام بالنشاطات الضرورية لكبح الجمهورية الإسلامية. كما أشار إلى أن لدى الولايات المتحدة ما يكفي من المعلومات الجيدة الكافية في الموضوع الإيراني.
في ظل هذه الأجواء، نقلت تقارير إعلامية إسرائيلية، عن دبلوماسيين غربيين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تلقت معلومات استخبارية جديدة، من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى، عن أن إيران حققت تقدماً في الطريق إلى انتاج رأس نووي. وبحسب الدبلوماسيين، تمكنت إيران من تحقيق هذا التقدم خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن مبعوثاً بريطانياً خاصاً وصل إلى إسرائيل سراً قبل نحو أسبوعين وسلم نتنياهو وباراك رسالة من رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، يرفض فيها بشدة هجوماً إسرائيلياً أحادياً ضد ايران في التوقيت الحالي، في ظل خشية بريطانيا من أن إسرائيل قريبة من اتخاذ قرار بعملية عسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية.
من جهته، عبر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خلال فترة الحرب على لبنان في العام 2006، دان حالوتس، عن معارضته لمطالبة نتنياهو برسم خطوط حمراء واضحة لإيران، مؤكداً أنه «لا يؤمن بالخطوط الحمراء، لأنه عندما يحين أوان الخط الاحمر يصبح غير ذي صلة، بفعل الظروف المختلفة».
ولفت حالوتس إلى أن أي جدال علني بين الولايات المتحدة وإسرائيل، يشكل انجازاً لإيران، مقراً بـ«أننا تسلقنا إلى أعلى مما ينبغي، وتحدثنا أكثر من اللازم، وهذا يمس بالردع». وكرر حالوتس التأكيد أن على إسرائيل أن لا تهاجم إيران وحدها. كما أكد أنه من غير الممكن المقارنة بين القدرات الكمية للولايات المتحدة وبين إسرائيل، مشدداً على «عدم الاستخفاف بقدراتنا».
إلى ذلك، أشار رئيس الأركان في الجيش، غابي أشكنازي، إلى أن الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل يزيد على ما يدفعه المواطن الإسرائيلي من الضرائب لصالح ميزانية الجيش، لافتاً إلى زيادة المساعدات الأميركية في الفترة الأخيرة من مليارين وأربعمئة مليون دولار إلى 3 مليارات.