بعد التراشق العلني من «العيار الثقيل» بين المسؤولين الأميركيين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رأى أن الولايات المتحدة لا تملك الحق الأخلاقي في فرض خطوط حمراء على إسرائيل ما دامت ترفض فرض مثلها على إيران، اكتفى الرئيس الأميركي باراك أوباما، بهدف احتواء الأزمة التي تفاقمت بين الطرفين، باتصال أجراه مع نتنياهو استمر لمدة ساعة، خلصا خلاله إلى أن كلاهما «موحدان» في عزمهما على منع إيران من امتلاك سلاح نووي، حسب بيان البيت الأبيض.
وكانت صحيفة «هآرتس» نقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن مكتب نتنياهو توجه إلى البيت الأبيض برسالة مفادها أنه نظراً إلى مكوثه في الأراضي الأميركية لمدة يومين ونصف اليوم فقط، فإنه معني بمقابلة الرئيس أوباما. بيد أن البيت الأبيض رفض الطلب بذريعة أن «جدول أعمال الرئيس أوباما لا يسمح بإجراء اللقاء في هذه المرحلة».
ولفتت «هآرتس» إلى أن ردّ البيت الابيض يعني أن الأزمة بين رئيس الحكومة والرئيس الأميركي «وصلت إلى حضيض جديد»، إذ إنها المرة الأولى، منذ تسلم الاثنين منصبيهما، لا يجتمعان خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأكدت تقارير إعلامية إسرائيلية أن هيئة الانتخابات التابعة للرئيس أوباما فهمت أنه في حال لم يسمح جدول أعمال البيت الأبيض بعقد لقاء بين الرجلين، فليس الأمر مقبولاً من قبل اليهود الأميركيين، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلة في الحملة الانتخابية، وهو ما دفعها إلى «نفي وجود طلب من قبل رئيس الحكومة نتنياهو لعقد لقاء مع الرئيس أوباما في واشنطن».
وكان مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى أكد لموقع «يديعوت أحرونوت» أن عدم استعداد أوباما للقاء نتنياهو يعود أساساً إلى الخوف من أن يستغل الأخير اللقاء من أجل مناطحة الرئيس في الموضوع الإيراني في ذروة الحملة الانتخابية، وبالتالي يحاولون في محيط الرئيس تجنيبه فخاً سياسياً، خاصة إذا ما أظهرت الصور «وجوهاً متكدّرة وغاضبة»، في أعقاب اللقاء، وصدور تقارير عن عدم استعداد أوباما لمساعدة إسرائيل.
من جهة أخرى، أكمل وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك رحلة تمايزه عن خطاب نتنياهو في الموضوع الايراني التي بدأها في الأيام الأخيرة، إذ ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن باراك انتقد في جلسات مغلقة، بشكل لاذع، أداء نتنياهو في مقابل الإدارة الأميركية، داعياً إياه إلى «عدم نسيان أن الولايات المتحدة هي مصدر الدعم الأهم لإسرائيل في مجال الأمن»، وأنه على الرغم من الفروقات وأهمية محافظة إسرائيل على حرية عملها، ينبغي تذكر أيضاً أهمية الشراكة المشتركة مع الولايات المتحدة وعدم المس بها قدر الإمكان». لكن مكتب باراك ونتنياهو رفضا تناول الشرخ القائم بينهما أو تقديم تفسيرات تتعلق بهذا الأمر.
في المقابل، لقي موقف باراك ردود فعل قاسية في حزب الليكود، إذ رأى قياديون أن تغيير اتجاه مواقف وزير الدفاع تعود إلى فهمه أن «الانتخابات سيجري تقديم موعدها إلى بداية السنة المقبلة، وبالتالي فهو قد بدأ حملته التي ستبقيه في الملعب السياسي الحزبي».
وبحسب مصدر في حزب الليكود، بدأ باراك اتصالاته لإنشاء جهاز سياسي، حتى لو لم يكن هو على رأسه، انطلاقاً من تقدير مفاده أن هناك فراغاً في معسكر الوسط الإسرائيلي.
كذلك وجهت اتهامات إلى باراك بأنه «طعن رئيس الوزراء في ظهره»، واصفة تغيير موقفه بأنه «الخيانة».