إسطنبول | تشهد تركيا، للمرة الأولى في تاريخها الحديث، نقاشاً مثيراً وساخناً، بعدما منع والي العاصمة أنقرة المواطنين من الاحتفال بعيد الجمهورية التركي اليوم الاثنين. وعزا الوالي السبب إلى تقارير استخبارية مفادها أن هذه الاحتفالات قد تشهد بعض الاستفزازات الخطيرة. قرار الوالي لاقى دفاعاً من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي شدد على أن من يريد الاحتفال بالعيد عليه أن يشارك في الاحتفالات الرسمية التي تقام سنوياً ورسمياً في ساحة العرض العسكري في العاصمة أنقرة بعد زيارة ضريح مؤسس الجمهورية أتاتورك من قبل جميع القيادات السياسية والعسكرية. ورفض زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، تصريحات أردوغان، واتهمه بالعمل على القضاء على الجمهورية التركية بعد أن قضى على مفاهيمها وأفكارها. وأكد كليجدار أوغلو أنه سيخرج إلى الشارع اليوم للاحتفال، وناشد جميع المواطنين المشاركة في الاحتفالات الشعبية لمناسبة الذكرى 89 لقيام الجمهورية التركية.
وأضاف كليجدار أوغلو أنهم لن يسمحوا لأردوغان وحكومته بتحقيق أهدافهم في القضاء على الجمهورية التركية العلمانية الحديثة، مؤكداً أنه مستعد للدفاع عن هذه الجمهورية مهما كان الثمن غالياً.
وسط ذلك، تتوقع الأوساط الإعلامية والسياسية أن يتحول هذا الفتور والتوتر إلى مواجهات ساخنة في حال إصرار الحكومة على منع التظاهرة الشعبية اليوم، في وقت أكدت فيه عشرات المنظمات الشعبية والقوى العلمانية أنها ستشارك فيها.
ويأتي التوتر الحالي في ظل توتر شديد يشهده الشارع التركي منذ فترة بين حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم وأحزاب وقوى المعارضة التي تتهم الحكومة بالسعي للقضاء على جميع مؤسسات وأفكار ونتاج وعقيدة الجمهورية العلمانية الأتاتوركية وتحويل تركيا إلى دولة دينية.
وسبق للحكومة أن ألغت الاحتفالات بالعديد من الأعياد الرسمية التي تحتفل بها تركيا منذ قيام الجمهورية، ومنها عيد الطفل والسيادة الوطنية 23 نيسان وعيد الاستقلال والشباب في 19 أيار، كما وضعت الحكومة قيوداً رسمية وغير رسمية على التمجيد بأتاتورك وفلسفته السياسية والاجتماعية، بعدما سيطرت على المؤسسة العسكرية التي تعتبر أهم داعم للجمهورية العلمانية.
وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ تشرين الثاني 2002 قد نجح في السيطرة على جميع مؤسسات الدولة التركية، بدءاً من البرلمان والحكومة والقصر الجمهوري والجامعات والمجلس الأعلى للقضاء والتعليم والاعلام، واستطاع من خلال التعديلات الدستورية والقانونية أن يقضي على المؤسسة العسكرية.