إسطنبول | بدأ خمسة نواب عن حزب السلام والديموقراطية، الموالي للأكراد، ورئيس بلدية دياربكر عثمان بيدامير، أول من أمس، إضراباً عن الطعام دعماً لنحو 10 آلاف سجين كردي، ينفذون بدورهم إضراباً عن الطعام منذ فترة.وأطلق عدد غير محدد من السجناء الأكراد إضراباً عن الطعام في 12 أيلول الماضي، ليصل عددهم مع الوقت إلى 707 سجناء، والوضع الصحي لبعضهم في حالة حرجة، بما أنهم يرفضون أن يتناولوا الأكل أو الشراب باستثناء المياه والسكر وفيتامين «ب».

وقبل حوالى أسبوع، بدأ نحو 10 آلاف سجين إضرابهم عن الطعام من أجل دعم رفاقهم المضربين مسبقاً. وكان النائب فيصل سارييلدز قد انضم الى المجموعة في 17 تشرين الأول، فيما لحق به النائبان أوزدال أوسر وإمين أينا في 8 تشرين الثاني، قبل أن ينضم إليهما خمسة نواب عن حزب «السلام والديموقراطية»، بينهم القيادي غولتن كيلاناك. كذلك أعلن نواب حزب «السلام والديموقراطية» تعليق عملهم داخل البرلمان.
نائبة من المضربين عن الطعام، أيسل تولوك، قالت إن «الأكراد جرّبوا كل شيء لنيل حقوقهم، لكن كل يوم يموت أناس أبرياء بسبب الأزمة، فيما تستمر سياسة الاستيعاب الحكومية». وأضافت «الكل بحاجة الى الديموقراطية، لا يمكن أن تكون مع النفاق، لا يمكن أن تكون ديموقراطياً إذا تعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه فاشياً إذا تعلق الأمر بالقضية الكردية»، في إشارة الى موقف الحكومة، لا سيما التصريحات الأخيرة لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، والتي اتهم فيها السياسيين الأكراد بتحريض السجناء على الإضراب عن الطعام، فيما «يفطرون هم على الكباب»، مشيراً في الوقت نفسه الى عدم وجود ما يسمى إضراب عن الطعام من قبل السجناء، قائلاً «إنه مجرد عرض متكامل».
ويرفع المحتجون ثلاثة مطالب. يريدون إنهاء عزل الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، الذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد في جزيرة أمرالي في بحر مرمرة، وأن يتم السماح باستخدام اللغة الكردية في قاعات المحكمة، وأن تُعتمد اللغة الكردية في المنهج التربوي داخل المدارس التركية للتلاميذ الأكراد.
ووعدت الحكومة باتخاذ إجراءات من شأنها أن تحل مسألة استخدام اللغة الكردية في المحاكمات، كما أُضيفت اللغة الكردية على المناهج الدراسية في الصفوف الاختيارية، لكن تدريسها لا يتعدى ثلاث ساعات في الأسبوع.
أما بالنسبة إلى أوجلان، فإن محاميه لم يُعط الإذن بعد لزيارته في جزيرة أمرالي منذ تموز 2011. وتقول الحكومة إنّ أخيه يمكنه أن يراه ويزوره، لكن المضربين عن الطعام يؤكدون أن هدفهم لا يتضمن فقط السماح بزيارة أوجلان، بل إحضاره من تلك الجزيرة، إضافة الى وضعه قيد الإقامة الجبرية، وأن تُعيد الحكومة المفاوضات معه من جديد.
من جهته، كتب أمري أوسلو، الضابط السابق في الاستخبارات التركية، والكاتب حالياً في صحيفة «طرف» اليومية الليبرالية، أن القيادة العسكرية لحزب العمال الكردستاني «بي كي كي» هي في شمال العراق، وأن الزعيم الكردي أوجلان ليس قائدهم لأسباب عملية. وبحسب أوسلو، فإن القيادة التي تصنع القرار في حزب العمال الكردستاني هي أكثر راديكالية مقارنة مع أوجلان، مضيفاً أنهم «يفكرون في وجود فرصة تاريخية للأكراد الأتراك من أجل تحقيق طموحهم القومي أكثر من أي وقت مضى، بسبب الأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصاً في سوريا، حيث بات للأكراد حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع.
ويرى أوسلو أن هذه العناصر الراديكالية تعتقد أن من المبكر أن تبدأ مفاوضات مع الحكومة، وأن الوقت حالياً هو وقت عمل من أجل تعزيز قوة حزب العمال الكردستاني ونفوذه.
لكن أوجلان لديه وجهة نظر مختلفة، فهو يعتقد أن المفاوضات يجب أن تبدأ، وباسم حزب العمال الكردستاني، وأنه يجب أن يشارك فيها. لكنه في جزيرة أمرالي معزول، ومع الأيام يزداد عزلة ويخسر من سلطته ونفوذه، ولذلك يريد أن يبرهن للحزب وللأكراد وللجميع أنه لا يزال يمتلك النفوذ والتأثير ولديه دور مهم ليقوم به.
وبالعودة الى المضربين عن الطعام، فإن معظم المشاركين فيه اعتقلوا سابقاً على خلفية قضية التحقيقات حول اتحاد مجتمعات كردستان. والاتهامات الأساسية الموجهة اليهم تتعلق بكون اتحاد مجتمعات كردستان هو بناء دولة الظل الخاصة بحزب العمال الكردستاني. ومن بين المتهمين هناك رؤساء بلديات وصحافيون وأساتذة جامعات. وبحسب أوسلو، فإن أوجلان يمتلك تأثيراً ونفوذاً داخل أعضاء اتحاد مجتمعات كردستان، وإنه يبعث إليهم برسائل الى داخل السجون المحتجزين فيها.
وكتب أوسلو في عموده في صحيفة «طرف» يقول إنه «من خلال الإضراب عن الطعام، يحاول أوجلان أن يقول للدولة التركية ما يأتي: أنا لست قائد حزب العمال الكردستاني، لكن إذا أعطتني الدولة تنازلات، فإنني أستطيع أن أستعيد قوتي وأن أبدأ مفاوضات».
في المقابل، قال الصحافي البارز في صحيفة «راديكال» التركية، دنيز زيرك، في حديث إلى «الأخبار» إن الحكومة سبق أن قررت استئناف المفاوضات مع أوجلان، لكن على مستوى متدنٍ، وأن حملة الإضراب عن الطعام التي أطلقها السجناء أدت الى تعليق هذه الجهود. وأوضح أن «الحكومة ترى أن الإضراب عن الطعام هو بمثابة ابتزاز، كما عبّر عن ذلك رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان أكثر من مرة. لذلك، فإن الحكومة لا تريد أن تعطي الانطباع بأنها تحني رأسها لهذا الابتزاز».