أعلن وزير الداخلية الجزائري، دحو ولد قابلية، أن بلاده لن تشارك في أي عمل عسكري في شمال مالي، مؤكّداً أنها تبذل جهوداً لتوحيد الرؤى بين حركة أنصار الدين وحركة تحرير الأزواد، من أجل الدفع بالحل السلمي عبر الحوار مع الحكومة المالية. وقال ولد قابلية، في حديث مع صحيفة «الشروق» الجزائرية نُشر أمس، إن «الجزائر لن تشارك بأيّ شكل من الأشكال في التدخّل العسكري فوق تراب مالي، وهذا ليس فقط لأنه نابع من مبادئ الجزائر، ولكن أيضاً لأنه نابع من أحكام الدستور الجزائري الذي يمنع في مادته الـ 26 الجزائر من اللجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى». وأضاف إن المادة 28 من الدستور الجزائري تنص على أن «الجزائر تعمل من أجل دعم التعاون الدولي وتنمية العلاقات الودية بين الدول، على أساس المساواة والمصلحة المتبادلة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتبنّي مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهدافها... فالقضية ليست شخصية وإنما قضية مبدئية ودستورية».
وشدّد الوزير على أن «موقف الجزائر واضح وصريح، حتى وإن كانت بعض الأطراف تحاول إعطاء قراءات غير صحيحة، الجزائر ضد التدخل العسكري، وتفضل الحل السلمي والسياسي القائم على وحدة التراب المالي، والمفاوضات بين رجال الشمال الأصليين والسلطة المركزية في مالي، حتى يتم توزيع الصلاحيات لا توسيع التراب». وأشار ولد قابلية إلى أن بلاده «تبذل اليوم جهوداً لتوحيد رؤية وخطاب أنصار الدين والطوارق لمباشرة الحوار مع الحكومة المالية». في المقابل، شدّد على أنه في ظل «وجود عناصر إرهابية (في إشارة الى تنظيم القاعدة وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا) وكذلك عصابات التهريب، فإن محاربتهم ستكون بأيّ شكل من الأشكال، بما في ذلك الحل العسكري».
وأكد الوزير وجود مفاوضين من أنصار الدين في الجزائر «من أجل التشاور لدعم الحل السياسي والسلمي، والمشاركة في البحث عن حلول للأزمة في مالي». وقال «على كل حال، فإن صوت الجزائر أصبح مسموعاً، وقد التفّ العديد من الأطراف، التي زارت الجزائر، حول خيار الحل السياسي والسلمي، وهناك أطراف دولية تراجعت عن دعوتها إلى التدخّل العسكري».
وطمأن الوزير بخصوص تنفيذ حملة عسكرية ضد الجماعات المتشددة في شمال مالي وآثار ذلك على الجزائر، قائلاً إن «حدودنا وأراضينا محصّنة وفي منأى عن مخاطر الحرب في شمال مالي، ربما القلق تسلل إلى أوساط سكان الجنوب، فلا يُمكن أن لا يحدث تأثير نفسي وسيكولوجي لطوارق الجزائر، وربما ردود فعل أيضاً، في حال إعلان الحرب على الطوارق في مالي».
وبشأن اقتراح مجموعة الإيكواس منح حكم ذاتي لسكان شمال مالي (الأزواد)، رأى الوزير الجزائري أنه «ليس الايكواس أو غيرها هي التي تنصح الأزواد أو الطوارق بتحديد مصيرهم، فهم يحددون مصيرهم بأنفسهم، وفي شمال مالي ليس هناك طوارق فقط، لكن هناك أطراف أخرى فاعلة... ليس هناك أي تأثير لمقترح الايكواس على طوارق الجزائر». وعما إذا كانت هناك ضغوط دولية تمارس على الجزائر بخصوص مالي، قال ولد قابلية إن «الجزائر ترفض ولا تخضع لأي إملاءات من أي طرف، سواء في قضية مالي أو غيرها»، نافياً وجود مخاوف جزائرية من احتمال إنشاء قواعد تجسسية من وراء التدخّل العسكري في مالي. وقال «لا أعتقد بأن هناك أهدافاً تجسّسية، لكن الأمر قد يكون مرتبطاً بمصالح اقتصادية».
وكان وزير الخارجية الجزائري، مراد مدلسي، قد أعلن الأحد الماضي، أن لقاءً «سيُعقد قريباً بين كل الأطراف المعنية بالأزمة في مالي» بغية التوصل الى حل سياسي للأزمة في هذا البلد، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الجزائرية.
(يو بي آي، أ ف ب)