شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه ليس هناك «نظام استبدادي» في روسيا، موجهاً انتقادات حادة للولايات المتحدة الاميركية. وقال بوتين، خلال أول مؤتمر صحافي كبير منذ عودته إلى الكرملين في حزيران الماضي في ولاية ثالثة، إن «وصف نظامنا بالاستبدادي أمر لا أستطيع القيام به. لا أستطيع أن اتفق مع هذه الفكرة. أفضل دليل على ذلك هو قراري مغادرة منصبي بعد ولايتين». وأكد بوتين أنه مع تغيير الدستور إذا كان من الأفضل اختيار الاستبداد في البلاد، وهذا أمر يسهل القيام به. وأوضح تفسيره للديموقراطية، وقال «لدينا هذه الفكرة، وهي أن الديموقراطية هي التروتسكية والفوضوية. ولكنها ليست كذلك، الديموقراطية أولاً وقبل كل شيء هي الانصياع للقوانين». وقدم الرئيس الروسي دعمه لقرار مجلس النواب (الدوما) أول من أمس الأربعاء، القاضي بمنع تبنّي أطفال روس من قبل أميركيين. وعن العلاقات الروسية _ الاميركية، أوضح بوتين أن «إعادة تشغيل» العلاقات اقترحها الشركاء الاميركيون في فترة رئاسة ديمتري مدفيديف، ولم يكن هناك ما يجب إعادة تشغيله، لأن العلاقات بيننا كانت طبيعية من حيث المبدأ، عازياً سبب تأزمها نسبياً إلى اختلاف مواقفنا بشأن العراق.
من جهة ثانية، انتقد بوتين مجدداً قانون «ماغنيتسكي»، معتبراً إياه «عملاً غير ودّي» من جانب الولايات المتحدة، قبل أن ينتقد «الكثير من المشاكل» المتعلقة بحقوق الانسان في الولايات المتحدة. وقال إن الأميركيين «يحتجزون أشخاصاً في السجن منذ سنوات بدون توجيه الاتهامات إليهم. إنه أمر لا يعقل. يُكبّلون مثلما كان يحصل في القرون الوسطى، وشرّعوا استخدام التعذيب. هل تتصورون ماذا سيحدث لو قمنا نحن بمثل هذه الأمور في بلادنا؟ وكم من الوقت مرّ منذ الوعد بإغلاق غوانتنامو؟».
وفي مؤتمره الصحافي الذي استمر أربع ساعات وأجاب خلاله على أسئلة الصحافيين بدون أن يبدو عليه أي تعب، أعرب بوتين عن ارتياحه للوضع الاقتصادي في البلاد. وقال إن «النتائج جيدة، وخصوصاً مقارنة مع الانكماش في منطقة اليورو والبطء الاقتصادي في الولايات المتحدة. الوضع أفضل بكثير لدينا».
في إطار آخر، أوضح بوتين أن العمليات الارهابية قد انخفضت في روسيا، موضحاً أن الاوضاع في جمهورية الشيشان تسير نحو الأفضل، كذلك في شمال القوقاز الذي انخفض فيه عدد العمليات الإرهابية. وبشأن ما أثير حول وضعه الصحي في الأشهر الأخيرة، نفى الرئيس الروسي هذه الادّعاءات بالقول: «حول هذا الموضوع ردّي هو: يمكنكم الانتظار طويلاً». وشدد على أن هدف هذه الإشاعات هو تقديم منفعة للمعارضة السياسية التي تسعى إلى التشكيك في شرعية السلطة وقدرتها على العمل.
ولأول مرة عرض بوتين لأمور عائلته، وهو الذي أحاطها بسرية تامة، وردّ على سؤال بشأن ابنتيه، مؤكداً أن «كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة إلى ابنتيّ. هما في موسكو وتتابعان دراستهما، وأنا فخور بهما». كذلك أبدى استعداده لمنح الممثل الفرنسي جيرار ديبارديو جواز سفر إذا رغب في ذلك، وأوضح أنه إذا أراد جيرار فعلياً الحصول على إقامة أو جواز سفر روسي فإنها مسألة تحل إيجاباً.
من جهة أخرى، وصل بوتين أمس إلى بروكسل للمشاركة في القمة الثلاثين بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، التي تعقد في أجواء تتّسم بالحساسية بسبب الخلافات حول حقوق الانسان والطاقة وسوريا. وفي زيارته الأولى لبروكسل بعد عودته إلى الرئاسة، التقى بوتين على العشاء مع رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو.
وكشف فان رومبوي أن اجتماعاً موسّعاً سيعقد اليوم الجمعة بهدف «تعميق التعاون الثنائي على المستوى الشامل». وأضاف «بإمكان الاتحاد الأوروبي وروسيا الإسهام بطريقة حاسمة» في مواجهة تحديات عديدة، أكان في «فض النزاعات» أم «الإدارة الرشيدة للاقتصاد».
وكشف مسؤول أوروبي رفيع المستوى أن مسألة حقوق الإنسان ستبحث مع بوتين الذي سيرافقه عدد من الوزراء، بينهم وزير الخارجية سيرغي لافروف.
وكان سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيجوف أكد أول من أمس الأربعاء أن لقاء اليوم الجمعة سيكون «قمة تعاون وليس قمة مواجهة».
(الأخبار، أ ف ب)