إسطنبول - مع استمرار الحديث على احتمالات الاتفاق الروسي ــ الأميركي من أجل الحل السياسي في سوريا، يستعد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، لزيارة واشنطن بداية شباط المقبل. ووصفت المصادر الحكومية الزيارة بأنها «مهمة جداً» لما للمواضيع التي سيبحثها أردوغان مع الرئيس الأميركي باراك أوباما من أهمية بالغة بالنسبة لتركيا وسياساتها الإقليمية.
ووضعت المصادر المذكورة مشكلة سوريا في مقدمة المواضيع التي سيبحثها أردوغان مع أوباما، بالإضافة الى القضايا الإقليمية الأخرى ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالملف
السوري.
وتوقعت مصادر صحافية ودبلوماسية مقربة من رئيس الوزراء التركي أن يبحث وبشكل استراتيجي الملف الكردي.
وقالت إن أردوغان سيطلب من واشنطن دعماً مطلقاً لمشروعه في معالجة المشكلة الكردية تركياً وإقليمياً من خلال التنسيق والتعاون مع رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني.
ويحظى المشروع أساساً بدعم مطلق من واشنطن والعواصم الغربية التي تسعى لإقامة الدولة الكردية في المنطقة. وأشارت المصادر إلى التقارب التركي ــ الكردي العراقي أخيراً. وقالت إن أنقرة من خلال هذا التنسيق والتعاون سعت وتسعى لكسب أكراد سوريا إلى جانب مساعيها من أجل إسقاط النظام في دمشق، حتى لو كلفها ذلك الاتفاق مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله أوج ألان المحكوم عليه بالسجن المؤبد. وأشارت المصادر إلى أن أربيل استضافت أواخر الشهر الماضي، وبدعوة من مسعود البرزاني، مؤتمراً للأحزاب الكردية السورية، التي وعدها البرزاني بتقديم كافة أنواع الدعم لها في حال توحيد صفوفها واتفاقها على مشروع كردي مشترك لتحقيق أهدافها في سوريا الحالية أو المستقبلية.
إلا أن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي السوري، وهو امتداد لحزب العمال الكردستاني التركي والأقوى في الشارع الكردي السوري، يرفض التعاون مع أنقرة في موضوع سوريا، على الرغم من مساعي البرزاني والرئيس العراقي جلال الطلباني بضرورة التحرك المشترك مع الأحزاب الكردية في سوريا.
ويشهد الشارع الإعلامي التركي، في الآونة الأخيرة، نقاشاً واسعاً في هذا الموضوع مع المعلومات التي تتحدث عن اتفاق سري بين أردوغان والبرزاني، يتبنى من خلاله رئيس الوزراء التركي مشروع الدولة الكردية المستقلة في العراق، ولاحقاً إقليمياً، في مقابل دعم كردي له في مشاريعه الإقليمية ضد النظام في سوريا وضد حكومة نوري المالكي ولاحقاً ضد إيران، الحليف الاستراتيجي لكل من بغداد ودمشق. وهذا ما يفسر اتهامات أردوغان والمسؤولين الأتراك مؤخراً لإيران والمالكي بانتهاج سياسات مذهبية في العراق والمنطقة، حيث تحولت كل من سوريا والعراق وإيران إلى دول معادية بالنسبة لحكومة رجب طيب أردوغان بعد التغيير المفاجئ في سياسات أنقرة ودخولها في تحالفات تكتيكية واستراتيجية مع العواصم الغربية والإقليمية، وخصوصاً مع قطر والسعودية، من أجل التخلص من نظام الرئيس بشار الأسد في
دمشق.
واستنفرت أنقرة منذ البداية كل إمكاناتها لتحقيق هذا الهدف من خلال تقديم كافة أنواع الدعم العسكري والسياسي والمادي للمجموعات المسلحة التي تقاتل في سوريا، كما سمحت وقدمت كافة أنواع الدعم للمقاتلين الأجانب الذين جاؤوا إلى تركيا ودخلوا عبر حدودها إلى سوريا للقتال ضمن صفوف التنظيمات التي تسمى بالجهادية، وفي مقدمتها النصرة.
كما لم تتردد أنقرة في جمع التنظيمات التركمانية السورية في إسطنبول لإقناعها بضرورة توحيد صفوفها في إطار الدعم التركي المباشر من أجل استخدام الورقة التركمانية في الوضع الحالي والمستقبلي في سوريا. علماً أن أنقرة تناست موضوع مدينة كركوك التركمانية، بعدما أعلنها مسعود البرزاني قلب الدولة الكردية المستقلة وهدد كل من يقترب منها، إذ إن أنقرة تبدو على قناعة بأن تغيير تحالفاتها يفترض عليها عدم الدخول في توترات مع أكراد العراق في المرحلة الحالية، ريثما يمر مشروع أردوغان للدولة الكردية، على اعتبار أن هذا سيساعده في تحقيق مساعيه داخل سوريا.