خاص بالموقع- دخلت الحرب المعلنة بين فرنسا وتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» مرحلة جديدة تتميز بعلامتين: الأولى أن باريس لم تعد تعامل خطف رهائنها كما كان يحصل في السابق، وهو ما بدا في الهجوم أول من أمس في النيجر، الذي أدى إلى مقتل الرهينتين الفرنسيتين. والعلامة الثانية هي أن التنظيم الإرهابي، أو الذين يعملون له، بات لا يجد «الضحايا ـ الزبائن» بسهولة، ويبدو ذلك جلياً من العملية الأخيرة، التي جرت داخل حانة في وسط العاصمة نيامي في وضح النهار.
ومن الواضح أن علامتي التغيير مرتبطة إحداهما بالأخرى مباشرة. فالاستراتيجية الفرنسية الجديدة، المشابهة جداً للاستراتيجية الإسرائيلية في معالجة عمليات الخطف، قائمة على محاولة «تجفيف سوق الرهائن» عبر التحذيرات الشديدة من خطورة المنطقة، وخصوصاً مثلث الجزائر ـ النيجر ـ مالي، مع حراسة شديدة جداً للمناطق ذات المنفعة الاقتصادية التي باتت تمثّل «قلاعاً محصنة» لا يرتادها إلا العاملون فيها.
هذا جعل من مسألة «وضع اليد على رهينة أجنبية»، وخصوصاً فرنسية، عملية صعبة، ولا سيما أن عدداً متزايداً من «العصابات» باتت تسعى وراء رهائن غربيين لبيعهم إلى تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وتكفي متابعة شخصية الرهينتين الضحيتين، إذ إن الفرنسي أنطون دولاكور لا يعمل في أي شركة ذات أهمية اقتصادية وكان يتهيأ ليتزوج نيجيرية الأسبوع المقبل ومواطنه فانسان دولوري جاء لحضور حفل الزفاف. أي إن العامل الوحيد كان أنهما «غربيان فرنسيان». وانطلق الخاطفون مباشرة في اتجاه حدود مالي في شمال غرب العاصمة للدخول إلى المثلث الصحراوي، الذي يبعد نحو ٢٠٠ كيلومتر، حيث يمكنهم الغوص في المنطقة الجبلية الوعرة. وقد حاولت القوات المالية في الاشتباك الأول «ردعهم عن الوصول إلى الصحراء» من دون جدوى، ويفسر هذا الاشتباك الثاني، الذي شارك فيها الفرنسيون، وأدى إلى مقتل الرهينتين، اللذين قيل إنهما قتلا بنيران فرنسيّة.
ويتعجب المراقبون من «شكر فرنسا للقوات النيجيرية» رغم فشل عملية إطلاق الرهائن، إلا أن خبيراً أكد لـ«الأخبار» أن البيان الذي صدر عن باريس لا يشير إلى العملية فقط، بل إلى موافقة النيجر بعد تردد في المشاركة الميدانية بالاستراتيجية الجديدة التي تقضي «بضرب الخاطفين».
ورغم تغيير الاستراتيجية الفرنسية، إلا أن هذه المحاولة هي الثانية التي تفشل فيها باريس ويذهب ضحيتها فرنسيون. وبالطبع لا يفيد هذا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يبدو أنه يريد إظهار «نوع من الحزم» في التعامل مع عمليات الخطف المتزايدة.
يُذكر أنه قبل أيام حصل هجوم على السفارة الفرنسية في العاصمة المالية باماكو، وضعه البعض في سياق الهجمة على السياسة الفرنسية في أفريقيا وما يدور في ساحل العاج من لعبة قوى، إضافة إلى وجود خمسة رهائن فرنسيين بين أيدي تنظيم «القاعدة» قد يصبح التفاوض على مصيرهم أكثر صعوبة في ظل هذا التوجه العسكري الشديد.