يحتل التعاون السياسي والعسكري بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، في الوقت الراهن، أولوية كبيرة، وخاصة في قضايا عديدة من بينها الملفان النوويان لكوريا الشمالية وإيران، والقرصنة، وما تسمّيه واشنطن الإرهاب. وفي هذا الإطار، يأمل المسؤولون الأميركيون أن تؤدي محادثات وزير الدفاع، روبرت غيتس، خلال زيارته للصين التي تبدأ اليوم الأحد، مع وزير الدفاع الصيني وكبار المسؤولين الصينيين، إلى تخفيف قلق البنتاغون إزاء النيّات العسكرية الصينية.
وتأتي زيارة غيتس إلى بيجين بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الصيني لواشنطن للإعداد لزيارة الرئيس الصيني هو جين تاو يوم 18 من الشهر الجاري، حيث سيلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما. ويرى دبلوماسيون أن زيارة غيتس إشارة إلى استئناف تطبيع العلاقات بين البلدين التي توقفت معظم العام الماضي عندما احتجت بيجين على صفقة الأسلحة لتايوان التي اقترحها الرئيس أوباما. وقال الناطق باسم البنتاغون، جيفري موريل، «إن الصينيين يريدون عودة العلاقة إلى مسارها، وأن تعمل في اتجاه إيجابي».
وعشية الزيارة، حرص بيان صادر عن البنتاغون على استثمارها من أجل استكشاف مجالات أخرى لتطوير الحوار وتعميقه بشأن عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها، ما سمّاه غيتس «السلوك الاستفزازي من جانب كوريا الشمالية». ورأى غيتس أنه «إذا تمكن الجيشان من العمل معاً ومن أن يتعرف كل منهما على الآخر، فإن ذلك سيتيح فرصة لعمل أشياء بنّاءة، وأيضاً المساعدة في بناء علاقة أكثر قوة بين البلدين».
وعلى صعيد آخر، يذكر أن من بين القضايا الشائكة في العلاقات بين البلدين، هناك المخاوف الصينية بشأن العمليات العسكرية الأميركية قرب شواطئ الصين. وفي هذا الصدد، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون شرق آسيا، مايكل شيفر، إن المسؤولين الأميركيين يأملون أن تؤدي زيارة غيتس إلى تعزيز فكرة إقامة حوار عسكري مستمر لا يقطع أو يعلق أو يجمد في أوقات التوتر أو الأزمات.
وأشار شيفر، في ندوة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن العلاقات الأميركية الصينية ليس لها تأثير ثنائي فحسب، بل لها تأثير عالمي متزايد، إذ إن الصين تعدّ أكبر شريك تجاري لليابان والهند وكوريا الجنوبية وتايوان وأوستراليا، وجميعها من أهم حلفاء الولايات المتحدة في عموم منطقة آسيا والمحيط الهادي.
ورأى شيفر، الذي وصف صعود آسيا بأنه «العامل الاستراتيجي المركزي للقرن الواحد والعشرين»، أنّ العلاقات بين القوات المسلحة للجانبين جزء لا يتجزأ من مجمل العلاقات الثنائية، وأنّ من الأهمية بمكان الحفاظ عليها صحية ومستقرة. وبناءً على ذلك، يقول شيفر إنّه يتعين على جيشي البلدين الحفاظ على الحوارات والتبادلات على مختلف المستويات لتعزيز الفهم المتبادل وتجنّب التقدير الخاطئ للأمور، وخصوصاً أنّ المنطقة فيها 5 من أكبر الجيوش، و15 من الموانئ العشرين الأكثر أهمية في العالم.
من جانب آخر، أصدر البيت الأبيض، الذي يولي أهمية كبيرة لزيارة الدولة التي يؤديها الرئيس الصيني لواشنطن، بياناً تضمن إرشادات خاصة بالزيارة، جاء فيه أن العديد من كبار المسؤولين الأميركيين سيتناولون في خطابات لهم مختلف جوانب العلاقات الأميركية ـ الصينية. وأوضح أنّ وزير المال، غايثنر، سيتحدث يوم الأربعاء المقبل عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بما فيها الجهود الخاصة بتوفير التوازن والنمو العالمي المستدام الذي يدعم توفير الوظائف والفرص للأميركيين. وبحسب البيان، سيتحدث وزير التجارة الأميركي، غاري لوك، يوم الخميس المقبل أمام مجلس رجال الأعمال الأميركي ـ الصيني. ومن جانبها، ستلقي وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، يوم الجمعة المقبل، خطاباً رئيسياً يتضمن وجهة النظر الأميركية الواسعة بشأن العلاقات بين البلدين في القرن الواحد والعشرين، بما فيها الجهود الأميركية لتحقيق تقدم بين البلدين بشأن سلسلة واسعة من القضايا الثنائية والإقليمية والدولية.