خاص بالموقع - تنوي الولايات المتحدة إبطال «الحصار الافتراضي» الذي وضع لتحسين مراقبة بعض نقاط الحدود مع المكسيك. والمشروع الذي تقوم به شركة بوينغ، وهو مؤلف من كاميرات فيديو ورادارات وشتى أنواع التكنولوجيا تبيّن أنه «غير مجدٍ وباهظ الكلفة» حسب زعيم الديموقراطيين في لجنة الأمن، بنجي تومبسون. وتقدر كلفة المشروع حتى الآن بمليار دولار. وأعلن تومبسون أن قطاع الأمن الداخلي في الحكومة قرر التخلي عن المشروع الذي يحمل تسمية «سبيلنيت».وهذا الوضع الذي يشغل المسؤولين الأميركيين تقابله حيرة من الطرف الآخر من الحدود حيث أدى عام 2010 إلى مقتل مواطن بعنف، بمعدل كل أربعين دقيقة، ما يدلّ على المستوى الذي وصل إليه الصراع داخل المكسيك، الذي هو في الواقع صراعات مجمعة تحت تسمية «الحرب على المخدرات».
وحسب سجلّ القياسات الذي وضعته مجلة «ميلينيو»، بقيت سيوداد خواريز تحمل لقب المدينة الأعنف وتليها سينالوا. وأكثر من نصف القتلى وقعوا في ثلاث ولايات: ولاية شيواوا، ولاية سينالوا وولاية تاماوليباس. ومن 7 ملايين ونصف مليون جريمة، هي مادة هذه الحرب، جرى التصريح عن 22% منها والتحقيق بـ 14% وإنهاء التحقيق في 5% من الحالات ومعاقبة المرتكبين في 1،5% فقط.
وللمرة الأولى في تاريخ الصراع، تخطّت الضحايا الألف قتيل خلال الشهر الواحد بدءاً من شهر آذار، وحافظت على هذه النسبة في الأشهر التالية، حيث مثّل شهر آب أعنف شهر بمعدل 42 قتيلاً في اليوم الواحد، و24 آب اليوم الأعنف حبث قتل 132 شخصاً، من بينهم مجزرة أودت يحياة 72 عاملاً من أميريكا الوسطى لأنهم رفضوا أن يدفعوا فدية لعصابة مهربين. وفي هذا المجال، قال مسؤول اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ــ وهي مؤسسة رسمية ــ أنه جرت عام 2010 عشرة آلاف عملية خطف لعمال غير مكسيكيين، إلا أن مسؤول الهجرة كذّبه، قائلاً «إن زميله يتحدث خارج الواقع».
أما عام 2011 فقد بدأ بمجزرة رهيبة في مدينة أكابولكو السياحية، حيث عثر في اليوم الواحد على 24 جثة، منها 15 مقطوعة الرأس مع رسائل لم يفصح عن مضمونها ونسبت إلى أحد أكبر زعماء المافيا جواكيم غوزمان الملقب بـ«آل شابو».
من جانبه، يبرر الرئيس كالديرون، الذي يعترف بـ«أننا نعيش أياماً عصيبة»، ما يحدث بعنصرين: أولاً، حوالى 90% من القتلى هم ضحايا معارك بين الكارتيلات نفسها. ثانياً، أن قراره التصدي و«مواجهة ما كان الكثير من قبلي يفضل تجاهله» دل عن عمق خرق النسيج المكسيكي و«لو لم أفعل، لكانت عصابات المخدرات تابعت تقدمها ووصلت اليوم إلى أعلى مراكز الدولة».
ويبرز الرئيس في هذا الإطار النتائج التي يحققها من «اعتقال أو قتل 19 زعيماً من أصل زعماء الكارتيلات الـ 37» وبأن كميات المخدرات والأسلحة التي احتجزت هي على ارتفاع مستمر. ولكن حتى لو جرى التسليم بهذا المنطق، يبقى أن الرئيس كالديرون أعلن عام 2006 حرباً لم يكن مجهزاً لفوزها. والارتفاع المتسارع لأعداد القتلى يأتي كل سنة بحصيلة مضاعفة من الضحايا. وحتى لو أنه صحيح أن انشقاق «لاس زيتاس»، الذراع العسكرية السابقة لكارتيل الخليج، وفتحه على حسابه هو الذي فعل فعله كالزيت على النار وأعاد خلط الأوراق ومناطق النفوذ، يبقى أن الجيش وكل المؤسسات الأمنية الأخرى أثبتت من جهتها عجزاً بنيوياً للانتصار بهذه الحرب، كما تدل الرسائل المخصصة لـ«الهم المكسيكي» التي سربتها ويكيليكس.
يبقى أمام كالديرون أقل من سنة ونصف سنة لإنهاء سنوات الولاية الست التي وضعها منذ اليوم الأول تحت شعار «الحرب على المخدرات» في محاولة لاستعادة شرعيته بعد وصوله إلى السلطة بواسطة انتخابات شكك بنزاهتها نصف الشعب المكسيكي. ومع مرور الوقت، يتأكد يوماً بعد يوم أن مهمة إقفال القمقم الذي فتحه على عجل ستبقى على عاتق خلفه.