نيويورك ــ أفاقت عشرات البعثات الدبلوماسية في الأمم المتحدة أخيراً على رسائل من مصارف أميركية، أبرزها «جي. بي. مورغان ـ تشيس»، تشعرها بإقفال حساباتها وأن المشكلة «لا تكمن في أمور محددة تتعلق بطريقة التصرف بأرصدتها أو تحويلاتها». وأكدت أن الأمر لا يمس الحسابات الشخصية للدبلوماسيين التي لم تعامل المعاملة نفسها. حاولت البعثات نقل الأرصدة الى مصارف مثل «سيتي بنك» وغيره، فطُلبت منها شروط تعجيزية، فحواها الرفض.هذا الوضع يثير أزمة كبيرة داخل الأمم المتحدة حيث بات آلاف الدبلوماسيين مهددين بفقدان القدرة على قبض الرواتب وصرفها، فضلاً عن تصريف أعمالهم ودفع نفقات عملهم من إيجارات وحتى اشتراكات في حساب تشغيل الأمم المتحدة وإدارتها. أزمة، إذا ما طال أمدها، تهدد مستقبل عمل المنظمة برمّته.
لمعالجة هذا الوضع، عقد وكيل وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الإدارية، باتريك كندي، ومدير السياسة الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية، مارك بونسي، لقاءً مغلقاً مع نحو 200 دبلوماسي من الأمم المتحدة استمعا خلاله إلى مندوبي الدول المتضررين أو المهددين بالحرمان من الخدمات المصرفية.
وقال كندي للدبلوماسيين، ومعظهم من دول أوروبية غربية، إن المشكلة تمتد أيضاً إلى أعضاء السلك الدبلوماسي في واشنطن، ذلك أن كثرأ منهم هناك أُقفلت حساباتهم بطريقة مشابهة. وأكد أن وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غايثنر، ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، يعملان على تذليل العقبات.
وبحسب المتابعين، فإن احد الأسباب يعود الى أن الولايات المتحدة كانت قد سنّت منذ أيلول 2001 مجموعة قوانين رقابية تفرض قيوداً صارمة على المصارف في التبليغ عن كل تحويل أو معاملة بقيمة 10 آلاف دولار أو أكثر، والإبلاغ عن أي معاملة تشتبه فيها حتى لو كانت القمية أقل. ولما كانت البعثات الدبلوماسية تقع في دائرة رمادية ومحط اهتمام السلطات الرقابية على اختلاف أنواعها، أصبحت المصارف تهدر وقتاً ثميناً في التبليغ عن كل تحويل والإجابة عن استفسارات الدوائر المالية والاستخبارية. هذا الوضع يهدّد أرباحها بالتلاشي في نفقات إدارية لا طائل منها.
وفي السياق، حذّر مندوب إيران محمد خزاعي من أن الضرر لا يقتصر على عمل المندوبين والبعثات، بل يمتد ليشمل ميزانية الأمم المتحدة نفسها. وسأل «كيف يمكن الدول أن تفي بالتزاماتها تجاه ميزانية المنظمة إذا لم يكن النظام المصرفي متاحاً لها؟». واقترح منح «اتحاد الأمم المتحدة الائتماني» التفويض بتقديم خدمات مصرفية للبعثات الدبلوماسية. واقترح أيضاً أن تسحب الأمم المتحدة أرصدتها من مصرف «تشيس»، وتضعها في المصرف الذي يقبل فتح حسابات للبعثات الدبلوماسية.