نيويورك ــ تتجه إيران إلى مباحثات إسطنبول، التي تجمع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، برزمة قضايا متكاملة. تشمل هذه الرزمة قضايا عدة تبدأ بالتعاون على حل القضايا الإقليمية وتمتد إلى محاربة عصابات المخدرات والمنظمات الإرهابية وضمان الطاقة وسلامة إمداداتها. وأعربت إيران، على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد خزاعي، عن الاستعداد للدخول في تعاون مع الدول الإقليمية والدولية في مجالات عدة، ناقلاً طمأنة إلى كل الدول بأن إيران ترفض خوض مواجهة «مع أي دولة في المنطقة أو على المستوى الدولي».
وقال خزاعي إن مباحثات جنيف مع مجموعة 5+1 كانت إيجابية وإيران جاهزة للدخول في حوار «جدي ومثمر في إسطنبول لجعل المؤتمر ناجحاً»، إلّا أن بلاده لن تنصاع للضغوط السياسية أو العقوبات الاقتصادية.
وتابع خزاعي إنه بنظر إيران، أدى سوء تقدير الأميركيين وحلفائهم إلى تكبد خسائر فادحة على المستويات العسكرية والمادية والسياسية في الشرق الأوسط، لكنهم عندما رغبوا في الاستفادة من إمكانات إيران الإقليمية استطاعوا تحقيق إنجازات محددة. لذا فإن محادثات إسطنبول يجب أن تمهد حسب تصور إيران لـ«رسم خريطة طريق إقليمية ودولية» للتعاون السلمي والاعتراف بإيران لاعباً إقليمياً ودولياً يملك الكثير من أوراق التعاون والقوة.
في هذا الإطار، تأتي إيران في الترتيب الثاني مباشرة بعد السعودية من حيث القدرة الاقتصادية بفضل ثرواتها وصناعتها. فبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 330 مليار دولار عام 2009، ومن المنتظر أن يصل إلى 481 مليار دولار في عام 2010 بفارق لا يتجاوز 7 مليارات دولار عن السعودية. وهذا يجعل منها من النواحي الديموغرافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية «قوة من العيار الثقيل» يمكن الاستفادة منها والاعتماد عليها في شتى المجالات بحسب خزاعي، الذي حذر من أنه في حال إساءة البعض تقدير الحسابات وقرر تهديد إيران أو وضعها تحت ضغط «فإنها سترد حتماً بالأسلوب نفسه».
ويشير خزاعي إلى أن الضغوط على إيران مستمرة، سواء باستهداف المنشآت النووية الإيرانية بفيروس خطير أو الحديث عن استهداف المرشد الأعلى السيد علي خامنئي من خلال محكمة الحريري الدولية، التي قال إن الهدف من ورائها قد يكون محاولة «التأثير على المفاوضات في إسطنبول»، فضلاً عن قتل ما لا يقل عن عالم نووي إيراني على يد عملاء إسرائيليين داخل إيران، والعقوبات المالية والحصار التجاري. وأكد أن «إيران تتصدى لكل شيء حسب المقتضى». وأضاف أن العقوبات لم تؤثر على ازدهار بلاده أو استقرارها.
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عن موقف إيران من احتمالات شن حرب إسرائيلية تشمل سوريا ولبنان، قال: «لا نعتقد أن قرارات خطيرة من هذا النوع يمكن أن تتخذ أو تقع، والسبب يعود إلى أن الكل يعلم أن من يتخذ قرار المواجهة أو شن حروب إضافية في المنطقة، سواء في إيران أو غيرها من دول المنطقة يلعب بالنار في منطقة يمكن أن تشتعل وتشمل بطريقة ما العالم بأسره، إذ إننا نتحدث عن الشرق الأوسط، مصدر الطاقة للعالم كله، وهو مركز تقاطع الأطماع الدولية، ومناطق النفوذ، وأنت تتعاطى هنا مع سائر الدول الإسلامية. وربما كان بين الدول الإسلامية خلافات في بعض المجالات، لكن عندما يتعلق الأمر بالتهديد ستجدهم موحدين. لذا لا أتوقع وقوع أمور من هذا القبيل».
في هذا السياق، أبدى خزاعي تفاؤلاً بأن الأخوّة التي تجمع دول المنطقة والتي لا تعكرها «وثائق ويكيليكس غير الموثوقة» ستؤدي دوراً رادعاً للأعداء.