باريس ــ رويداً رويداً، تدخُل أفريقيا الغربية في نفقٍ نتيجة جمود الوضع في ساحل العاج، الذي بدأ ينعكس على اقتصاد المنطقة، على وقع انعقاد قمة لدول منطقة غرب أفريقيا، اليوم، وهي التي تجمع كلاً من بينين وبوركينا فاسو وغينيا بيساو ومالي والنيجر والسنغال وتوغو وساحل العاج التي ستكون الغائب الحاضر.ويمثل الاقتصاد العاجي وحده ٤٠ في المئة من اقتصاد المنطقة، ويصدِّر نحو ثلثي سندات الخزينة المتداولة فيها. ويعترف المجتمعون بأن هذه الدولة، التي تعيش أزمة سياسية حادة، تمثّل «المحرك» الاقتصادي للمنطقة. مع ذلك، ولأسباب سياسية، فقد جمّد البنك الدولي كل التمويلات لياموسوكرو، العاصمة السياسية، وأقفل فروعه فيها، بينما توقف صندوق النقد الدولي عن دفع أي مبلغ بانتظار «حل المأزق السياسي».
وكان وزراء مال المنطقة، الساعون إلى تحقيق تكامل اقتصادي، قد أوعزوا إلى المصرف المركزي لمنطقة غرب أفريقيا بعدم قبول أي توقيع «إلا توقيع الحسن واتارا الرئيس المعترف به من قبل الدول الكبرى». وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة في أبيدجان أن الرئيس الآخر لوران غباغبو استطاع سحب ٧٠ مليار فرنك أفريقي من المصرف المركزي، ما سمح له بتوفير رواتب كل الموظفين. كذلك ذكر مصدر آخر في أبيدجان أن فريق غباغبو يقوم بتوفير مصاريف الحكومة من ضرائب الشركات الكبرى التي يجنيها «مباشرة شهرياً»، ما يسمح له بضمان استمرار سير عجلة الدولة التي تبلغ شهرياً نحو ٢٤٠ مليار فرنك أفريقي. كذلك أرسل عدة رسائل يهدّد فيها بالبدء بإصدار عملة خاصة تحت اسم «عاج»، وهو إن حصل، يمكن أن يقود إلى إفلاس الاقتصاد العاجي وفرط عقد الوحدة المالية التي تربط دول المنطقة الغربية من القارة السوداء. ويستغرب كثيرون قدرة غباغبو على مقاومة الحصار المفروض عليه من المجتمع الدولي، ويتهمون في ذلك حاكم المصرف المركزي لأفريقيا الغربية، فيليب هنري داكوري، وهو عاجي مقرَّب جداً من فريق غباغبو، ويُقال إنه «تأخّر في تنفيذ ما طُلب منه على الصعيد السياسي، ما سمح للرئيس السابق بإجراء سحوبات ضخمة تسمح له بمقاومة الضغوط».
ويُتوقَّع من قمّة اليوم أن تتّخذ عدداً من القرارات لتحريك العجلة الاقتصادية المجمَّدة في المنطقة بسبب الوضع في ساحل العاج. وكان المصرف المركزي لأفريقيا الغربية قد أعلن قبل أيام حصيلة عمله للسنة المنصرمة قبل بدء الأزمة، كاشفاً أنه صدّق خلال السنة المالية ٢٠١٠ على ٣٠ مشروعاً بقيمة١٩٠ مليار فرنك أفريقي، مع تحقيق ربحٍ صافٍ بلغت قيمته ٤ مليارات فرنك أفريقي.



وصلت إلى «الأخبار» معلومات غير مؤكدة تفيد بأن لوران غباغبو تعرّض لوعكة صحية تطلبت نقله إلى المستشفى. لكن الرجل واصل إصدار القرارات التصعيدية التي كان آخرها أمر القوات الأمنية العاجية بتوقيف السيارات التابعة للأمم المتحدة على أراضي دولته، وهو ما علّقت عليه المتحدثة باسم المنظمة الدولية في جنيف، كورين مومال فانيان، بالقول إنّ «من غير القانوني تفتيش السيارات التابعة لنا».