خاص بالموقع | واشنطن - قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن الاتجاه الذي تسلكه تونس بعد أسبوع من «الثورة الشعبية» لا يزال بعيداً عن استقراره وتسويته، وإن القلاقل في البلدان العربية المجاورة تتزايد، مشيرة إلى ما يحدث في الجزائر ومصر والتظاهرات الشعبية الكبيرة في الأردن.وقالت الصحيفة في افتتاحيتها الرئيسية بعنوان «شرق أوسط غير مؤكد» إن التظاهرات الشعبية في تونس تتواصل، مطالبة وزراء الحكومة السابقة الذين يعملون في الحكومة المؤقتة بالاستقالة، فيما أطلقت الحكومة المؤقتة السجناء السياسيين وأعلنت إنهاء الرقابة، لكنها لم تتفق بعد على استراتيجية سياسية واضحة.
وبرغم النظر إلى ما يحدث في تونس على أنه فرصة كبيرة للتغيير في الشرق الأوسط، حذّرت الصحيفة من أنها تحمل أخطاراً أيضاً، وقالت إن تونس يمكن أن تصبح أول بلد عربي كان يخضع لدكتاتورية ويقوم بعملية انتقال سلمي إلى ديموقراطية حقيقية تحذو حذو دول أوروبية وآسيوية تخلصت من ديكتاتورياتها. وتأثير ما جرى سيمتد إلى أنظمة حكم عربية فاسدة ومطلقة، مثل مصر والأردن، لإرغامها على فتح نظمها السياسية أمام مشاركة أحزاب علمانية ديموقراطية ومنظّمات المجتمع المدني، أو أن تواصل القمع أو تسعى إلى شراء ذمم المعارضين وترك الحركات الإسلامية بما هي معارضة خطيرة فقط.
وأوضحت الصحيفة أن بإمكان الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا أن يكون لهم تأثير كبير على هذه النتائج، لكن حتى الآن يبدو أن سياساتها تسير على غير هدى. وأشارت إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ألقت خطاباً في الدوحة في 13 كانون الثاني الجاري شخّصت فيه «المؤسسات الفاسدة والنظام السياسي المشلول» ودعت إلى تقديم «رؤيا إيجابية ومنح الشباب سبلاً ذات معنى للمساهمة في الشؤون العامة وليكون لهم دور مفيد في القرارات التي تسيّر حياتهم».
وتساءلت الصحيفة عما تعنيه كلينتون حيث إنها لم تذكر الانتخابات أو الديموقراطية، وقالت إنه عندما تحدّث الرئيس باراك أوباما هاتفياً مع الرئيس المصري حسني مبارك يوم الثلاثاء الماضي أبلغه أن الولايات المتحدة «أيّدت انتخابات حرة ونزيهة في تونس»، لكنه لم يناقش مع مبارك خطّته الصارخة لإجراء انتخابات رئاسية غير حرة هذا العام، كذلك أن من غير الواضح ما تنوي الحكومة الأميركية القيام به لتشجيع إجراء انتخابات حرة في تونس، غير ما تدلي به من بيانات عامّة.
ورأت الصحيفة أن هذا الوضع يتطلب إعادة تأليف وتنشيط لسياسة الحكومة الأميركية إزاء المنطقة، وينبغي أن تكون الأولوية المباشرة لخطوات تشجع السلطات المؤقتة في تونس على احتضان الديموقراطية الحقيقية. وقالت «يجب أن يحصل ذلك بالطرق الدبلوماسية، والتونسيون يشعرون بالريبة تجاه الحكومات الغربية التي أيّدت الدكتاتورية السابقة. لكن بإمكان الولايات المتحدة وأوروبا أن توضحا أن تونس الديموقراطية سوف تكافأ بمساعدات سخية وبرامج تجارية، بينما ستُفرض عقوبات على أولئك الذين يسعون إلى إعادة فرض الاستبداد. كذلك يمكن أيضاً توفير المشورة الفنية للقوى الديموقراطية الناشئة مع الإصرار على رقابة دولية على أية انتخابات».
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه «إذا لزم الأمر فينبغي على الحكومة الأميركية أو الكونغرس أن يربطا مواصلة المساعدة العسكرية وغيرها من المساعدة الخارجية» بالخطوات الملموسة التي ينبغي للدول العربية المتلقية لتلك المساعدات القيام بها، مثل فتح الفضاء السياسي الذي تحدثت عنه كلينتون، وهذا يعني السماح بحرة تكوين أحزاب سياسية علمانية وإزالة القيود عن منظمات المجتمع المدني والسماح بالتجمع العام السلمي. وتساءلت الصحيفة «لماذا يتعيّن على الولايات المتحدة أن تستمر في تمويل الوضع القائم المشلول» في المنطقة؟.