لا تزال العيون الدولية تراقب على نار حامية الأزمة المصرية، التي سترسم نتيجتها الملامح الجديدة للمنطقة برمّتها، ويظهر أن الغرب يميل يوماً بعد يوم إلى جبهة المحتجّين، منتقداً تعاطي النظام المصري مع الأزمة؛ أما الحكام العرب، فأغلبهم لم يؤكّدوا دعمهم للنظام، والتزموا صمتاً يخفي قلقاً على كراسيهم.عربياً، صدر موقف أمس عن البحرين التي تراقب الوضع في مصر بقلق بالغ، لا سيما أنها على موعد مع تظاهرة مرتقبة تحشد لها قوى المعارضة. وجرى اتصال بين نائب الرئيس الأميركي جو بايدن وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة لبحث الأوضاع الراهنة في مصر.
وذكر البيت الأبيض، في بيان، أن بايدن اتصل بالملك، وأكد له التركيز الكبير على معارضة العنف والدعوة إلى ضبط النفس، ودعم الحقوق العالمية والانتقال المنظّم لحكومة تستجيب لتطلعات الشعب المصري.
وفي غزة، ذكرت الكاتبة الصحافية ومراسلة مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز»، أسماء الغول، أن شرطة الحكومة الحمساوية احتجزتها مع أربع مدونات بعد منع تظاهرة تضامنية مع احتجاجات مصر. وقالت «منعن التظاهرة عندما كان الشبان والشابات يتجمعون» قرب ميدان الجندي المجهول في غزة، مع أن «منظمي التظاهرة أرسلوا إشعاراً للشرطة لكن رُفض تنظيمها».
وأكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن حركة «حماس» منعت سكان غزة من التظاهر دعماً للاحتجاجات. لكن مصدراً مسؤولاً في الحكومة المقالة نفى هذه المعلومات قائلاً إنها «ادعاءات ولا علم لدينا بأي محاولة للتظاهر (أول من أمس)».
من جهة ثانية، رأت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة، أن عهد ما بعد مبارك قد بدأ في مصر. وكتبت «مصر تعيش مرحلة ما بعد مبارك شعبياً واجتماعياً وسياسياً ودولياً وإقليمياً».
وفي طهران، رأى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في تصريحات بثّها التلفزيون الحكومي، أن الانتفاضة في مصر ستساعد على إقامة شرق أوسط إسلامي. وقال «نظراً لما أعرفه عن شعب مصر الثوري العظيم، إنه يصنع حالياً التاريخ». وأضاف «إنني واثق من أنهم سيؤدون دوراً في إقامة شرق أوسط إسلامي لكل الذين يتطلعون الى الحرية والعدالة والاستقلال». وأكد صالحي أن انتفاضة مصر «تدلّ على حاجة إلى تغيير في المنطقة ونهاية الأنظمة التي لا تتمتع بشعبية».
من جهة أخرى، أبدت بريطانيا خيبة أملها في الحكومة المصرية الجديدة التي عيّنها الرئيس حسني مبارك، في موقف يُبدي انحيازاً للشارع المصري. وقال متحدث باسم رئيس الوزراء «من المهم أن تستمع الحكومة المصرية إلى آمال شعبها، وهذا يعني الانتقال الى حكومة موسعة تضم شخصيات معارضة تجري تغييراً سياسياً حقيقياً». وأضاف «من الواضح من الشخصيات التي عينت في الحكومة أمس أن هذا لم يحدث بعد ونحن نراه مخيباً للآمال، فكثير ممن عينوا عملوا في حكومات سابقة، أو لهم ارتباطات بالنظام الحالي». وشدّد على أن المعارض محمد البرادعي يمثل «نوع الشخصيات التي يجب أن تتحدث إليها الحكومة المصرية».
وفي باريس، صدر موقف مشابه للذي صدر في الأيام الأولى من الثورة، وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية، برنار فاليرو، أن فرنسا تشدد على ضرورة وقف إراقة الدماء في مصر، فيما كانت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال إليو ماري في البحرين حيث بحثت الأزمة والتقت نظيرها الشيخ خالد بن أحمد الخليفة. كذلك صدر موقف عن جنوب أفريقيا دعا النظام المصري ومعارضيه إلى إيجاد حل سلمي للأزمة، بحسب بيان لوزارة الخارجية. ووجهت منظمة «اليونيسكو» نداءً من أجل حماية تراث مصر، وطالبت بإجراءات «لحماية كنوز» هذا البلد.
على صعيد آخر، كثفت الدول جهودها لإجلاء رعاياها من مصر. ونقلت طائرتان صينيتان 480 مواطناً صينياً كانوا في مصر. وذكرت وزارة الخارجية التايوانية أن تايوان ستعيد نحو 500 من رعاياها. كذلك فعلت الحكومة اليابانية التي أرسلت طائرات لإحضار 436 شخصاً. وقالت الخارجية الأميركية إنه أجلي أكثر من 1200 أميركي في تسع رحلات الى تركيا وقبرص واليونان، فيما ذكرت الخطوط الجوية الملكية الأردنية أنها نقلت حتى الآن نحو 4 آلاف مواطن أردني من مصر.
(أ ف ب، رويترز، أ ب، يو بي آي)