خاص بالموقع- وقّعت الرئيستان البرازيلية والأرجنتينية 14 اتفاقاً تكاملياً بين دولتيهما، من أجل تفعيل التكامل الاندماجي بين بلديهما، حجر الزاوية للتكامل الإقليمي الأميركي الجنوبي الذي دشّنه سلفاهما، الرئيس البرازيلي لولا والرئيس الأرجنتيني المتوفى حديثاً نستور كيرشنير. وربما الأكثر إثارة في تلك الاتفاقات هو المتعلق بالطاقة النووية، الذي بموجبه اتفق على تصميم محركين نوويين وإنتاجهما، ما يمثّل نقلة نوعية في التعاون في مجال كان في السبعينيات نقطة خلاف وتنافس وحذر.


لكن اللافت في هذه القمة النسائية، الفريدة من نوعها، كان الخلوة التي جمعت الرئيستين وكان من المفترض حسب البرنامج الرسمي أن تستمر نصف ساعة، فتخطّت ساعة ونصف ساعة وخرجتا منها لتقولا: «أكثر من رئيستين، نحن رفيقتان وصديقتان». والحدث الآخر كان اللقاء الذي طلبته الرئيسة البرازيلية بـ«أمهات ساحة أيار» اللواتي أصبحن «جدات ساحة أيار». وهو حدث لأن تكريم الرئيسة البرازيلية لأولئك السيدات يلقي الأضواء على أن ديلما ـــ وكذلك كريستينا ـــ انتمتا في شبابهما إلى تنظيمات مارست العمل المسلح ضد الدكتاتوريات العسكرية، حتى إن ديلما اعتُقلت وعُذّبت، ما سمح لها بالقول: «إن وصولنا إلى الرئاسة يعني أيضاً أن تضحيات أولادكم لم تذهب سدى». لكن اللقاء يعني أيضاً أن ديلما مصممة على تعديل شيء ما في تعاطي المجتمع البرازيلي ومؤسساته بموضوع الذاكرة. بعكس الأرجنتين الرائدة في محاكمة خروق حقوق الإنسان، لم تشأ البرازيل يوماً إعادة فتح هذه الصفحة، وينسب إلى ديلما رغبتها في معالجة عدد من المشاكل العالقة نتيجة هذا الواقع. أسباب التمايز منوّعة، منها طبيعة الدكتاتورية التي كانت أكثر وحشية بما لا يقاس في الأرجنتين، ومنها نمط الخروج من النظام العسكري الذي كان خلافياً في الأرجنتين وتوافقياً في البرازيل.



ويبقى التوقف عند هذه الصورة النموذجية لامرأتين على رأس أكبر دولتين وأكبر اقتصادين في أميركا الجنوبية، وهما تطلان من على الشرفة التي كانت تخاطب منها إيفيتا بيرون الجماهير في الأربعينيات. امرأتان لكل واحدة منهما سيرتها السياسية المستقلة في بلدها، مع أن كريستينا خلفت زوجها وهي مرجّحة الآن، وخصوصاً بعد وفاته، لتجديد ولايتها 6 أشهر. أما ديلما فانتخبت بكل تأكيد بفضل جهود لولا لإنجاحها، وأيضاً بفضل إنجازات حكمه التي لديلما اليد الطولى في تحقيقها على الأقل منذ نهاية ولايته الأولى.



تعرف الامرأتان صعوبة وصولهما إلى سدّة الرئاسة وقساوة الانتقادات التي تلحق بهما في حال ارتكابهما «خطأً» إن كان في مجال أدائهما العام أو حتى في تصرفاتهما الخاصة من قبل سياسيين ذكوريين يصرّون على أنّ وصول الرئيسات إلى السلطة شر لا بد منه، وفي أحسن الأحوال استثناء. شيء مثيل بالذكورية السائدة في مجتمعات القارة العنيفة، حيث العنف بوجه المرأة يبقى عيباً لم تكف بعد التشريعات لردعه.