أشعل مقتل ثلاثة أميركيين في مدينة سيوداد خواريز المكسيكية، المصنّفة الأعنف في العالم والجارة الحدودية لمدينة ألباسو الأميركية، كل الأضواء الحمر، وخصوصاً أنه يتقاطع مع دلائل تغيير في تقسيم العمل على الحدود.لو كان الخبر أن خوان كارلوس إتشيفيري (15 سنة) وماريو غونزاليس (16) وسيزار ميرامونتيس (17) قد اغتيلوا بطلقات نارية في مطعم من مدينة سيوداد خواريز، المصنفة الأعنف في العالم على الحدود الأميركية، لما أثار أي اهتمام بالرغم من صغر سنّ الشباب. إذ لا يمرّ يوم إلا يسقط في سيوداد خواريز أبرياء. لكن الحدث هو أن الشباب الثلاثة، بالرغم من بشرتهم السمراء وأسمائهم اللاتينية، ليسوا مكسيكيين. إنهم مواطنون من الولايات المتحدة أتوا من مدينة ألباسو المجاورة، وبالتالي ما كان ليكون حدثاً روتينياً دون أهمية خاصة يتحوّل فجأة إلى حدث استثنائي يتوقف عنده العالم.
وفي تفاصيل الواقعة، أن الشباب كانوا يأكلون «تاكوس» على رصيف مطعم عندما وصل 4 ملثمين وسألوا الشباب عن مكان وجود صاحب شركة سيارات موازية للمطعم قبل أن يفتحوا النار عليهم. وفي الأسبوع الماضي، سقط أكثر من 23 قتيلاً، أكثريتهم من الشباب الأبرياء.
يفصل بين سيوداد خواريز، أعنف مدينة في العالم، وألباسو في الولايات المتحدة سياج ومجرى نهر هزيل. على كل ضفة، تقسيم عمل تقليدي: من الطرف الأميركي، الطلب هو على المخدرات والعرض هو للأسلحة، ومن الطرف المكسيكي، الطلب هو على الأسلحة والعرض هو للمخدرات. والنتيجة أن القتلى يتراكمون من طرف واحد من الحدود: عام 2010 سقط في سيوداد خواريز 2738 قتيلاً وفي ألباسو 5 قتلى. وتخشى السلطات الأميركية أن تكون هذه الصورة قد بدأت تتغيّر بعدما عرفت ألباسو 9 قتلى في أول شهر من السنة الجارية، مع ارتفاع مريب لعمليات الخطف والفديات.
وقبل أسبوع، وجّهت وزيرة الأمن الأميركي جانيت نابوليتانو رسالة إلى كارتيلات المخدرات المكسيكية من جامعة الباسو: «اتركوا عنفكم على الضفة الأخرى من الحدود، ولا تغامروا على نقله مع تكتيكاتكم إلى هذه الضفة... لا تصدروها إلى الولايات المتحدة، وإلا فستواجهون ردة فعل لا تقاوم».
وتدل وثائق ويكيليكس على أن السلطات المكسيكية ـــ علناً أو بين أربعة جدران ـــ لم تتوقف يوماً عن مطالبة الولايات المتحدة، ليس فقط بالمساعدة على اعتقال مهرب أو بمزيد من المال ضمن خطة ميريدا، بل أيضاً بتحرك ملموس لمحاربة تدفق الأسلحة على أراضيها. قد يساعد مقتل الأميركيين من أصل لاتيني وتدهور الأمن في ألباسو في التسريع بهذه الخطوة الحاسمة.