خاص بالموقع- واشنطن| دعا رئيس جامعة القدس الفلسطينية والشخصية السياسية والأكاديمية المعروفة سري نسيبة إلى التخلي عن حق العودة لللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طردوا منها عام 1948، بدعوى ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام مع الاحتلال الإسرائيلي. وقال في كتاب أصدره بعنوان «ما قيمة دولة فلسطينية؟» إن «القيم الأساسية في أي مجتمع هي المساواة والحرية، وإن على صانعي السلام الإسرائيليين والفلسطينيين أن ينظروا إلى بعضهم بعضاً كبشر، وأن يوحّدوا جهودهم من أجل الصالح العام للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».
ولا يرى نسيبة أن هناك احتمال حل بدولتين، بل يرى أن الإسرائيليين والفلسطينيين يكوّنون عملياً وحدة سياسية واحدة بين النهر والبحر.
وكان نسيبة الذي يحمل آراء مثيرة للجدل تسبّبت في تعرضه للهجوم الجسدي قبل سنوات عديدة، قد انضم في عام 2002 إلى المدير السابق للاستخبارات الإسرائيلية الداخلية (شين بيت) آمي أيالون في الدعوة إلى تبني حل الدولتين يجري بمقتضاه انسحاب إسرائيل إلى خطوط الرابع من حزيران 1967 وإقامة دولة منزوعة السلاح وتنازل الفلسطينيين عن حق العودة، غير أن نسيبة فيما بعد توصل إلى نتيجة مفادها أن دولة فلسطينية لا تستحق أن يبذل من أجلها أي جهد. ويقترح في ذلك تجربة يقول إنها تستحق التفكير فيها وهي دولة واحدة، لكنها انتخابياً ليست دولة ديموقراطية وتكون هكذا بترتيب يجري الإجماع عليه، ويعني ذلك أن تمنح إسرائيل الفلسطينيين باتفاق معهم مرتبة «مواطنين من الدرجة الثانية» لكل من هم تحت الاحتلال الإسرائيلي ويقبل ذلك.
ويعني مثل هذا الطرح أن يتنازل الفلسطينيون عن حقوقهم السياسية ـــــ كحق التصويت في انتخابات تشريعية ـــــ للكنيست ـــــ وتولي المناصب الرفيعة في الحكومة ودخول القوات المسلحة ـــــ لكنهم يتلقّون حقوقاً مدنية أساسية كالتأمين الصحي، الضمان الاجتماعي (رواتب تقاعدية)، حرية التعبير والتنقل، التعليم، حق الدفاع عن النفس، وما إلى ذلك من حقوق مماثلة. وسيكون الفلسطينيون رعايا لا مواطنين في هذا الكيان الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني المشترك.
ويشير نسيبة في هذا الصدد إلى أنّ هناك سابقة لوضع كهذا وهو وضع آلاف الفلسطينيين في القدس الشرقية، الذين هم كذلك على مدى السنوات الثلاث والأربعين الماضية (عمر الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967). أمّا فائدة ذلك حسب رأيه، فهي أن الوضع القائم الذي لا يمكن قبوله أو الدفاع عنه، الذي يعانيه الفلسطينيون سينتهي، وقد يأتي بعده نموذج تعايش أفضل كما حدث في جنوب أفريقيا.
ويزعم نسيبة أن اقتراحه يمثّل تحدياً للنخبة السياسية الإسرائيلية والفلسطينية، مشيراً إلى أن تاريخ الولايات المتحدة يتضمن شيئاً مشابهاً، فقد اقترح «بوكر واشنطن» حلاً كهذا لمشكلة السود في الولايات المتحدة عام 1895 عرف باسم «حل أتلانتا الوسط» إلا أنه لم يلتفت أحد إلى ذلك الطرح.
لكن هل يستطيع المرء الفصل بين الحقوق السياسية والحقوق المدنية؟ وهل هذا هو ما يحتاج إليه معظم الفلسطينيّين أو يريدونه؟ ويقول ديفيد شولمان في العدد الأخير من مجلة «ذي نيو يورك ريفيو أوف بوكس» إنه «لو قامت السلطة الفلسطينية بحل نفسها وطالبت بما يشبه مقترحات نسيبة، فإن حركة حماس ستملأ الفراغ الحاصل خلال أربع وعشرين ساعة. إنّ حماس مستعدة وتنتظر حدوث احتمال كهذا، ويعلم ذلك سري نسيبة نفسه».
ورغم أن نسيبة في مواقع عديدة من كتابه الذي نشرته «دار نشر جامعة هارفارد» ويقع في 248 صفحة، يقول إنه ما زال يرى أن الحل بدولتين سيكون الحل المثالي، فإن شولمان يقول إن كثيرين على الجانبين يرون أنه قد فات أوان ذلك ـــــ حيث إن مدى وتوسع مصادرة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وبناء المستوطنات، لا يجعلان من حل الدولتين أمراً عملياً.