تكثفت الاتصالات الدولية، أمس، بين مختلف عواصم القرار في العالم لمنع التداعيات الناجمة عن دخول قوات خليجية إلى البحرين، والهجوم على المعتصمين. وأجمعت معظم المواقف الإقليمية والدولية على إدانة استخدام العنف مع المحتجين. ورأى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن «هذا التدخل العسكري عمل مشين سيبوء بالفشل، وشعوب المنطقة تعدّه من صنع الولايات
المتحدة».
ووجه تحذيراً إلى السعودية والإمارات، قائلاً: «أقول لبعض الذين أرسلوا قوات مسلحة إلى البحرين إن بعض دول المنطقة أرسلت في الماضي قوات إلى دول مجاورة، وإنه يجب استخلاص العبر مما حصل لصدام» حسين، ملمّحاً بذلك إلى الغزو العراقي للكويت في آب 1990. وأضاف أن «الولايات المتحدة ليست صديقة وفية، وفي الماضي ضحّت بأصدقائها وخصوصاً
صدام».
ودعا نجاد القادة البحرينيين إلى تلبية المطالب الشرعية للمعارضة، قائلاً: «من أصل 700 ألف نسمة يحتج 600 ألف ويطالبون بالتغيير. يجب احترام الشعب وإجراء إصلاحات. فكروا في مستقبلكم».
تحذيرٌ مماثل صدر أيضاً عن مساعد قائد حرس الثورة الجنرال يد الله جواني المكلف الشؤون السياسية، معلناً أن «واشنطن ستدفع ثمناً باهظاً لدعمها قمع الشعب البحريني وشعوب مسلمة أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».
وأضاف أن «إرسال قوات عسكرية من السعودية والإمارات إلى البحرين جاء بدعم وتنسيق من الولايات
المتحدة».
بدوره، أجرى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي محادثات هاتفية منفصلة مع نظرائه السوري والعراقي والكويتي تناولت منع التداعيات الخطيرة الناجمة عن «احتلال» البحرين، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا».
وقالت إن صالحي أكد «ضرورة الاهتمام بالأخطار المحدقة من جراء استمرار المسار الحالي والحاجة إلى التشاور بين الدول لمنع وقوع كارثة إنسانية في البحرين».
وكانت البحرين أيضاً موضع بحث بين الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والرئيس الأميركي باراك أوباما. وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس» إن أوباما اتصل
بالملك.
وفي موقف أميركي، رأت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن البحرين وحلفاءها الخليجيين يتبعون مساراً خاطئاً، قائلةً: «أوضحنا لشركائنا في الخليج، الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي الذين أرسل أربعة منهم قوات لدعم الحكومة البحرينية. إنهم يتبعون مساراً خاطئاً».
كذلك، بعثت كل من باريس وبرلين ولندن رسائل تنم عن الأسف لما يجري من أعمال عنف بحق المحتجين، مشدّدة على الحوار. واتصل رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون بملك البحرين لحثه على الحوار والردّ على التظاهرات بالإصلاحات،
لا بالقمع.
من جهة ثانية، نقل مستشار الملك السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله رسالة من الملك إلى الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت مصادر دبلوماسية عربية في دمشق إن الأمير التقى الأسد في زيارة قصيرة وسلّمه رسالة من الملك تتعلق بتطورات الأحداث في المنطقة، وخصوصاً في ليبيا والبحرين، من دون مزيد من التفاصيل.
في هذه الأثناء، أعلن القيادي في التيار الصدري حازم الأعرجي أن السيد مقتدى الصدر «يدعو إلى تظاهرات حاشدة عصر اليوم (أمس) في بغداد والبصرة لنصرة الشعب البحريني، على أن تكون هناك تظاهرات أخرى الجمعة في عموم
العراق».
وبالفعل، خرجت تظاهرات تضامنية في مناطق متفرقة في العراق لنصرة الشعب البحريني ورفعت هتافات ضدّ أسرة آل خليفة الحاكمة في
المملكة.
كذلك أعرب المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني عن قلقه الشديد حيال الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البحرينية. وقال المتحدث باسمه، حامد الخفاف، إن المرجع الأعلى «وجه نداءً عاجلاً إلى السلطات البحرينية لوقف العنف بحق المواطنين العزل، ويشدد على ضرورة اتباع الأساليب السلمية».
بدوره، حذر المرجع بشير النجفي، أحد المراجع الأربعة في النجف، من حدوث «ما لا تحمد عقباه» في البحرين، فيما عبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن قلقه، مشيراً إلى أن من شأن دخول قوات خارجية أن يسهم في تعقيد الأوضاع بدل حلها، ولم يستبعد أن يؤدي هذا التدخل إلى تأجيج العنف الطائفي.
وفي الكويت، رفعت عشر نساء تجمعن أمام سفارة البحرين لافتات تندد بتفريق المتظاهرين بالقوة في المنامة. وانتقد النائب في مجلس الأمة صالح عاشور تدخل قوات خليجية في البحرين، قائلاً إنه سيستدعي رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد إلى جلسة استجواب إذا قررت الحكومة إرسال جنود إلى هناك، فيما أعلن نواب سنّة تأييدهم للخطوة، مطالبين الحكومة بإرسال جنود.
أما في السعودية، حيث يمثّل الشيعة نحو عشرة في المئة من السكان، فقد سار المئات قرب القطيف في المنطقة الشرقية تضامناً مع المتظاهرين في المنامة.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)