فرنسا: اليمين واليسار يبدآن بحسابات ما بعد صعود "الجبهة الوطنية"

  • 0
  • ض
  • ض

على الرغم من هزيمة اليمين المتطرّف في الجولة الثانية من انتخابات المناطق في فرنسا، إلا أن صعوده المدوّي في الجولة الأولى، جعل الأحزاب التقليدية تعيد حساباتها لاتخاذ إجراءات تتناسب مع المرحلة المقبلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية عام 2017

وضعت انتخابات المناطق في فرنسا الأحزاب التقليدية، أي اليمين واليسار، أمام واقع لا بد منه، وهو أن عليهما البدء بتغييرات وإجراءات تقيهما أي خسارة أمام اليمين المتطرّف في الانتخابات الرئاسية عام 2017. وأفادت مصادر متطابقة، أمس، بأن حزب "الجمهوريون" اليميني الفرنسي، ستكون له قيادة جديدة في كانون الثاني، ذلك أن مسؤولته الثانية ناتالي كوسيوسكو ــ موريزيه، المعروفة بانتقادها الشديد لرئيس الحزب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ستبتعد عن القيادة. ويأتي هذا القرار، بعد انتخابات المناطق التي عززت نفوذ اليمين المتطرف على حساب اليمين التقليدي وانتقادات عديدة وجهها أعضاء في فريق ساركوزي للسياسة التي ينتهجها الرئيس السابق. فقد وضعت هذه الانتخابات ساركوزي في موقع مهتز، قبل الانتخابات التمهيدية المرتقبة في 2016، رغم أن حزبه خرج متقدماً بحصوله على سبع مناطق مقابل خمس للحزب الاشتراكي.

"الجبهة الوطنية" عزّزت موقعها مع استمالة 30% من الناخبين
وفي المعسكر الخصم ستتخذ الحكومة الاشتراكية، في ظل رئاسة فرنسوا هولاند، "في وقت سريع تدابير جديدة للتوظيف"، كما أكد مصدر حكومي من دون إعطاء أي تفاصيل. علماً بأن البطالة المزمنة (3,59 مليون شخص) تشكل النقطة السوداء المسجلة على الرئيس والعقبة الرئيسية أمام ترشحه لولاية جديدة. إلا أن شعبيته سجلت قفزة على إثر اعتداءات 13 تشرين الثاني، كما بات يحظى بالمفعول الإيجابي للاتفاق الدولي حول المناخ، الذي جرى التوصل إليه في عطلة نهاية الأسبوع الماضي في باريس. لكن أمام تقدم اليمين المتطرف يتعيّن عليه توسيع قاعدة ناخبيه وحصد نتائج إصلاحاته الاقتصادية، ليخوض الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية المقبلة. وإذا كانت "الجبهة الوطنية" قد هُزمت، أول من أمس، في الدورة الثانية من انتخابات المناطق، التي كانت آخر اقتراع يجري في فرنسا، قبل الانتخابات الرئاسية عام 2017، فإنها عزّزت موقعها مع استمالة نحو ثلاثين في المئة من الناخبين، الذين أتاحوا لها الفوز بـ358 مقعداً بين أعضاء مجالس المناطق. وفي المحصلة، فإن نحو 6,8 ملايين ناخب صوتوا لمرشحيها من أصل عدد إجمالي من الناخبين قدره 45 مليوناً. وكان 6,4 ملايين شخص قد صوتوا لمارين لوبن في انتخابات 2012 الرئاسية. وبعد تعبئة للناخبين وتجيير للأصوات بين اليسار واليمين، لم يتمكن حزب "الجبهة الوطنية" بزعامة مارين لوبن من الفوز في أي منطقة، الأحد، بعدما تقدم في السادس من كانون الأول في ست مناطق من أصل 13. وأمس، حضّت الصحافة الفرنسية الحزبين التقليديين على التنبه، ومما جاء في عناوينها "مرتاحون ولكن" و"الجبهة الوطنية خاسر يتمتع بثقل كبير". وكتبت صحيفة "لو باريزيان" الشعبية "تحمّل الفرنسيون مسؤولياتهم. ننتظر نواباً يتحملون بدورهم المسؤولية". من جهتها، نبهت صحيفة "ليبيراسيون" اليسارية من أنه "يبقى عام لإعادة إصلاح العمل السياسي"، معتبرة أن الحزب الاشتراكي الحاكم، برئاسة فرنسوا هولاند، "لن يتمكن إلى ما لا نهاية من الحفاظ على ماء وجهه عبر التلويح بفزاعة"، "الجبهة الوطنية". وكتبت صحيفة "لاكراوا" الكاثوليكية "الهزيمة للجميع"، مؤكدة أن "عدم تقديم أجوبة لقلق الفرنسيين (سيجعل) الجبهة الوطنية تواصل تقدمها، حتى الانتخابات المقبلة، الرئاسية". والواقع أن "الجبهة الوطنية" تتسلق سلم الحكم منذ خمسة أعوام، مستندة إلى خطاب مناهض لأوروبا وللهجرة ومعوّلة على رفض للأحزاب التقليدية التي عجزت عن التصدي للأزمة على وقع بطالة تجاوزت عشرة في المئة. (أ ف ب)

0 تعليق

التعليقات