حذّرت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، من أن الوضع الحالي بين الفلسطينيين والإسرائيليين غير قابل للاستمرار، متعهدة أن تمارس واشنطن قيادة «فاعلة» لحل الصراع. وقالت خلال اجتماع للمنتدى الأميركي الإسلامي العالمي في واشنطن ليل أول من أمس، إن الرئيس باراك أوباما سيحدّد في خطاب رئاسي يلقيه في غضون الأسابيع المقبلة سياسة الولايات المتحدة حيال المنطقة، مشيرة إلى أن مسعى جديداً من أجل إحلال سلام شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين سيكون عنصراً محورياً.
وأضافت أن الولايات المتحدة «لا تزال مصرّة على المضي قدماً في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين»، محذّرة من أن تغيير الأنظمة في الدول العربية يذكّر بأن الصراع يتفاقم. وتابعت كلينتون «الوضع الحالي بين الفلسطينيين والإسرائيليين غير قابل للاستمرار أكثر من الأنظمة السياسية التي انهارت في الأشهر الأخيرة»، مضيفة «لا يمكن ضمان مستقبل إسرائيل دولةً يهودية ديموقراطية أو التطلعات المشروعة للفلسطينيين من دون حل تفاوضي لإقامة الدولتين». وأكدت «رغم أن من البديهي أن الطرفين يستطيعان اتخاذ القرارات الصعبة الضرورية من أجل السلام، لا بديل من قيادة أميركية فاعلة».

ورداً على تصريحات كلينتون، طالبت الرئاسة الفلسطينية واشنطن بموقف واضح بشأن حدود دولة فلسطين وقضية الاستيطان الإسرائيلي. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن إعلان الرئيس الأميركي المنتظر «يجب أن يرافقه موقف أميركي واضح» حيال مسائل الحدود والاستيطان. وأضاف «هذا الإعلان يدل على أن الإدارة الأميركية بدأت تدرك خطورة الوضع في الشرق الأوسط، مع ما تشهده المنطقة من ثورات سببها الرئيسي هو غياب حل عادل للقضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية».
وتابع أبو ردينة «الحديث عن خطط ومبادرات جديدة لا يكفي، ولا بد من دور أميركي فاعل وسياسة أميركية حازمة تجاه الاستيطان الإسرائيلي»، مشدداً على أنه «حان الوقت لأن تتحرك الإدارة الأميركية قبل أيلول المقبل، أي قبل أن تأخذ المنطقة منعطفاً ستكون آثاره صعبة على الجميع».
وتزامن كلام أبو ردينة مع سعي رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، خلال لقائه مانحين غربيين في بروكسل أمس، إلى الحصول على استثمارات تقدر بنحو خمسة مليارات دولار في صورة استثمارات، لتدشين دولة فلسطينية.
وبعد إلغاء اجتماع اللجنة الرباعية الذي كان مقرراً في برلين غداً، لبحث أفكار قدمتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا إطاراً لإحياء المفاوضات الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية، لمّحت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى قبولها استئناف المفاوضات مع إسرائيل، استناداً إلى بيان الدول الأوروبية الثلاث هذه. ودعت إلى تبنّي ما حمله بيان الدول الثلاث والقيام «بواجبها ومسؤولياتها تجاه عملية السلام، وعدم تأخير هذا الدور من أجل إرساء أسس واضحة لهذه العملية، وخصوصاً عدّ الاستيطان غير شرعي، واعتماد خطوط عام 1967 أساساً لرسم حدود دولة فلسطين بما فيها القدس». وأضافت اللجنة في البيان الذي تلاه أمين سرها ياسر عبد ربه أن «اعتماد هذه الأسس سيفتح الطريق أمام انطلاقة جديدة وموثوقة لعملية السلام، ولإخراجها من الجمود والدوامة التي أدخلتها إسرائيل فيها».
وكانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا قد أطلقت مبادرة جديدة تطرح خطوطاً عريضة لتسوية نهائية بين إسرائيل والفلسطينيين، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلّة. وكانت هذه الدول الثلاث قد طالبت بأن يعرض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والاتحاد الأوروبي صيغة لهذه التسوية في اجتماع اللجنة الرباعية الدولية المقرر منتصف الشهر المقبل، من أجل استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.
وفي السياق، كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ومبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط، طوني بلير، سيؤيد في تقرير يسلّمه إلى بروكسل إقامة دولة فلسطينية. ونسبت الصحيفة إلى تقرير بلير قوله: «من الواضح أن السلطة الفلسطينية عززت كثيراً قدرتها على الحكم وتقديم الخدمات منذ عام 2007. وإذا حافظت السلطة على أدائها في بناء المؤسسات وتقديم الخدمات العامة، فسيكون من الممكن إقامة دولة في المستقبل القريب». وقال بلير للصحيفة إن «بناء دولة فلسطينية خاضعة للسلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء الفلسطيني هو الضوء الساطع وسط الكثير من الظلام الدبلوماسي، ويبيّن ما يمكن عمله، وإن الفلسطينيين صاروا قادرين على حكم دولة، والأهمية الحيوية لإعادة تنشيط العملية السياسية». وأضاف أن «بناء الدولة الفلسطينية هو أيضاً عامل مهمّ في معالجة مخاوف إسرائيل الأمنية».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)