أقرت خلال المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الكوبي، أول من أمس، ثلاث وثائق أساسية بالإجماع، أهمها «التوجهات الاقتصادية والاجتماعية» بعد إدخال عدد من التعديلات عليها بناءً على مناقشات اللجان المختصة. وتعدّ مناقشة هذه الوثيقة، التي شغلت اجتماعات الحزب منذ أشهر، والتي نوقشت في العلن مع السكان الذين أدخلوا عليها همومهم، المادة الأساسية، وتكاد تكون المادة الوحيدة لأعمال المؤتمر. وتضمّن النص النهائي تأكيد «غلبة التخطيط الاشتراكي في تصويب النموذج الاقتصادي، على أن يأخذ في الحسبان اتجاهات السوق». وتابعت الوثيقة «أن النموذج سيعترف ويشجع – إلى جانب ملكية الدولة الاشتراكية كشكل أساسي للاقتصاد – الاستثمار الخارجي والتعاونيات وصغار المزارعين والشغيلة المستقلين وأشكال أخرى قد تبرز لرفع مستوى الإنتاجية». وأوصى القرار بتأليف لجنة دائمة مهمتها متابعة تطبيق الخطة الاقتصادية وتطويرها، ومن المرجح أن تتحول هذه اللجنة إلى قيادة ميدانية للقرار الاقتصادي، علماً بأن العوائق أمام الإصلاح قد تكون مرسخة داخل الحزب نفسه. أما الوثيقة الثانية، فكانت تقويماً لخطاب راوول كاسترو، وقد رأت أنه «قوّم بواقعية واقتضاب وصوابية مهمات شعبنا وسط الأخطار والصعوبات التي يفرضها الوضع العالمي المعقد». وطرح «بوضوح، النواقص الداخلية مثل الفوضى والبيروقراطية والأبوية وفقدان الاستشراف والجدية». ودعا إلى «إيلاء أقصى الاهتمام للانتقادات الصائبة حول المفاهيم الخاطئة بالنسبة لعلاقة البنى الحزبية القيادية مع بنى الدولة والاقتصاد». وختم قائلاً إن الخطاب «متطابق مع فكر الزعيم فيديل كاسترو الذي قاد الثورة خلال نصف قرن، والذي لا يزال يسهم في إغنائها».
ويرجّح أن ينكب المؤتمر الحزبي، المنوي عقده في بداية السنة المقبلة، على معالجة المسألة الحاسمة التي تدور حول فكفكة التقاطع القائم بين الأطر الحزبية والأطر الحكومية والرسمية.
وعين راوول سكرتيراً للحزب ورامون ماشادو (80 سنة) السكرتير الثاني المرجّح أن يرث راوول كاسترو بعد نهاية ولايته الرئاسية الثانية، علماً أن الطبيب كارلوس لاجي، سكرتير فيديل كاسترو، كان أبرز وجه من الجيل الجديد، عندما أقيل من الحزب قبل سنتين.
وتطرقت الوثيقة الثالثة إلى التنظيم الإداري وإلى تجارب اللامركزية القائمة في عدد من المحافظات.
من جهة أخرى، كرّس الزعيم فيديل كاسترو مقالاً جديداً عن المؤتمر بعنوان «غيابي من اللجنة المركزية»، بدأه بعبارة «اطلعت على خطاب راوول قبل أيام من إلقائه». وعبّر فيه عن رضاه لفكرة حصر الولايات (الرئاسية) باثنتين. ورأى أن اعتماد هذا المبدأ «كان قد قلص الأخطاء التي ارتكبها في العالم الثوريون والأحزاب». وتابع قائلاً «إنه صوّت لأعضاء اللجنة المركزية الجديدة بعد التدقيق بسيرتهم». ورأى أن «من المحق رفع نسبة النساء والزنوج في تركيبة القيادة». وأوضح أن «راوول كان يعلم من قبل أني لن أقبل بأية مسؤولية»، مؤكداً أن مناصبه منذ مرضه كانت شكلية. وختم أن عليه مهمات كتابية يجب أن يتممها، وأنه يفضل «ترك هذا الشرف لرفاق آخرين قدامى».
ويقطع المقال الطريق على التأويلات التي قد توحي بوجود فوارق بين فيديل وراوول لتفسّر أسباب غياب فيديل عن عضوية اللجنة المركزية.