باريس | الاستقبال الذي أعدّه الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، لرئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض، مصطفى عبد الجليل، يليق بالرؤساء، رغم أن الحرس الجمهوري اصطفّ على الحائط الغربي لباحة الإليزيه من دون أن يقدم التحية الرئاسية.
إلا أن ساركوزي رحّب به على رأس الدرج والتفت الاثنان نحو المصوّرين الذين تهافتوا لمعرفة ما إذا كان الضيف الليبي يحمل في جعبته طلب «إرسال قوات على الأرض». ابتسم الرئيسان وغاصا في البهو، الذي سبق للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، أن وطئ سجاده الأحمر قبل فترة وجيزة في عمر العلاقات الدولية، فيما ذكرت وسائل إعلام فرنسية أن ساركوزي تعهد، خلال لقائه عبد الجليل، بأن الطائرات الفرنسية ستكثف الضربات التي تشنها ضد قوات القذافي، قائلاً له «سنساعدكم».
وذكر مصدر في الإليزيه أن ساركوزي وعدهم بالمساعدة بقوله «سنساعدكم»، مشيراً الى أن الوعد شمل «تكثيف الضربات الجوية على قوات الزعيم الليبي معمر القذافي».
عند خروج عبد الجليل، بعد لقاء دام نحو ٤٠ دقيقة، أعلن أمام حشد من وسائل الإعلام، أنه والوفد جاؤوا لـ«شكر» الشعب الفرنسي ومجلس الشيوخ ومجلس النواب، وبالطبع ساركوزي «على قرارهم الجريء» بدعم الثورة. ونبّه إلى أن الليبيين ثاروا للمطالبة سلمياً بحقوقهم وجُوبهوا بالرصاص والعنف، مضيفاً «لقد أصبحنا محاربين رغماً عنّا»، ومشدداً على أن «من دعم الثورة لن يندم». وكشف عن أنه وجه الدعوة إلى ساركوزي لزيارة بنغازي لأنها «ستكون مهمة لدعم شجاعة الثورة»، وأن هذا الأخير «وعد بتلبيتها».
ثم انتقل لشكر الدول العربية، وخصص قطر والإمارات، إلا أنه شدد على أن «ذلك لا يعني تهميش الدول الأخرى». وتابع إن «لكل دولة خصوصياتها»، مشدداً على أن «الدعم الأول كان من الدول العربية».
وقال رئيس المجلس الليبي إن المعارضة «وعدت بالدولة الديموقراطية في ليبيا بحيث يجري اختيار الرئيس عن طريق الانتخابات، ولن يصل الرئيس على ظهر دبابة»، متعهداً بالعمل على محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
في هذا الوقت، رفض منسق العلاقات الخارجية في المجلس الانتقالي، علي عيساوي، التصريح قبل «خروج الرئيس من مقابلة الرئيس»، لكنه لمّح ألى أن «كل شيء ممكن لحماية الشعب الليبي». وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده، أجاب عيساوي عن سؤال لـ«الأخبار» بشأن مسألة طلب تدخل عسكري على الأرض، بقوله مردداً عدة مرات «كل الخيارات مفتوحة». وطالب العالم «إما بحماية الشعب الليبي، أو بالسماح له بالدفاع عن نفسه».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» أيضاً عما إذا كان يفضّل الطلب من قوات عربية مساعدة ليبيا على القوات الغربية، أجاب بسؤال حمّله ابتسامة «نطلب، لكن هل هناك رغبة في المشاركة؟». إلا أنه رحب بـ«قوات عربية إسلامية أو من الدول الجوار» على الأرض الليبية. وأشار إلى أنه «حتى الآن لم يوجّه أي طلب رسمي»، وأكد أن العمل الآن قائم على التسلح وبناء جيش، وأن إرسال المستشارين من فرنسا وبريطانيا ما هو إلا ضمن هذا الإطار، وطالب أخيراً بالإفراج عن قسم من الأموال الليبية المجمدة لتسليح الجيش وشراء مواد تموينية غذائية.
وشرح عيساوي أن القرار ١٩٧٣ الذي يطلب حماية المدنيين «بحاجة إلى التفعيل بسبب تصعيد القذافي»، مشدداً على أنه بسبب هذه الاعتداءات وعدم الالتزام بالقرارات الدولية فإن القذافي فقد شرعيته كاملاً. وعن أفضل السبل لترحيل القذافي «بطريقة سلمية» الذي لا يعرض على الليبيين سوى «إما أن أحكمكم أو أن أقتلكم»، فإنه لا مجال لقبول أي «عرض حل سياسي لا ينص على رحيله» وهو قرار وصفه العيساوي بأنه «لا تراجع عنه».
وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفرنسية، فرنسوا باروان، قد أكد أن باريس سترسل عدداً محدوداً من ضباط الاتصال لينتشروا لدى المجلس الوطني الانتقالي (في بنغازي) من أجل تنظيم حماية المدنيين». وقال إن عددهم قد يصل إلى عشرة وإن هذه مبادرة جاءت بالمشاركة مع الائتلاف الدولي الذي يشرف على تنفيذ قرار الأمم المتحدة بفرض منطقة حظر جوي على ليبيا.
وعن مهمة هذا الوفد، من المتوقع أن يقدم النصح للقادة المعارضين بشأن كيفية تنظيم قواتهم التي تكافح في مواجهة جيش القذافي الأفضل تسليحاً وتدريباً. كما سيشكلون حلقة الوصل مع حلف الأطلسي بشأن مواقع المعارضين وقوات القذافي.