مع اقتراب موعد تقديم الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها بشأن «البعد العسكري المحتمل للبرنامج النووي الإيراني»، نفذ هذا التقرير، بشكل مسبق، إلى معظم التصريحات الإيرانية المرتبطة بتطبيق الاتفاق النووي، وذلك تأكيداً من المسؤولين في طهران لما يحمله التقرير من نتائج ستحدد مستقبل الاتفاق ككل.
في هذا الوقت، وبينما كانت تداعيات الاعتداءات الإرهابية في باريس، تتواصل على مختلف المستويات في مختلف الدول الغربية، إن كان من خلال الإجراءات الحكومية أو رد الفعل الشعبي، وجه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي رسالة إلى الشباب في البلدان الغربية، منتقداً منطق الغرب المتناقض بشأن الإرهاب، ومشيراً إلى «الحملات العسكرية التي تعرّض لها العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة».
وبدأ رسالته بالقول إن «الإرهاب أصبح اليوم الهمّ والألم المشترك بيننا وبينكم»، مؤكداً أن «من الضروري أن تعرفوا أن العالم الإسلامي كان ضحية الإرهاب والعنف، بأبعاد أوسع ولفترة أطول بكثير».
«الأحداث المريرة التي ارتكبها الإرهاب الأعمى في فرنسا، دفعتني مرة أخرى إلى مخاطبتكم»، كتب خامنئي، مضيفاً «يؤسفني أن توفر مثل هذه الأحداث أرضية الحوار، بيد أن الواقع هو أن القضايا المؤلمة إذا لم توفر الأرضية للتفكير بالحلول، ولم تعط الفرصة لتبادل الأفكار، فستكون الخسارة مضاعفة». كما أكد أن «كل من له نصيب من المحبة والإنسانية يتأثر ويتألم لمشاهدة هذه المناظر، سواء وقعت في فرنسا، أو في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا»، مضيفاً «لا شك أن ملياراً ونصف مليار من المسلمين لهم الشعور نفسه، وهم براء ومبغضون لمرتكبي هذه الفجائع ومسببيها». غير أن خامنئي أشار إلى أن «القضية هي أن آلام اليوم إذا لم تؤدّ إلى بناء غد أفضل وأكثر أمناً، فسوف تختزل لتكون مجرد ذكريات مُرّة عديمة الفائدة». كما أكد أن «من الضروري أن تعرفوا أن القلق وانعدام الأمن الذي جرّبتموه في الأحداث الأخيرة يختلف اختلافاً أساسياً عن الآلام التي تحملتها شعوب العراق واليمن وسوريا وأفغانستان طوال سنين متتالية».
وفيما تحدث عن دور الولايات المتحدة في كل ذلك، فقد أشار «إلى جانب هذا الدعم المباشر (للقاعدة وطالبان)، نری حماة الإرهاب التكفيري العلنيين المعروفين كانوا دائماً في عداد حلفاء الغرب، بالرغم من أن أنظمتهم أكثر الأنظمة السياسية تخلفاً، بينما تتعرض أكثر وأنصع الأفكار النابعة من الديموقراطيات الفاعلة في المنطقة للقمع بكل قسوة». كما لفت إلى أن «الازدواجية في تعامل الغرب مع حركة الصحوة في العالم الإسلامي هي نموذج بليغ للتناقض في السياسات الغربية»، مشيراً إلى أن «الوجه الآخر لهذا التناقض يلاحظ في دعم إرهاب الدولة الذي ترتكبه إسرائيل». كما أكد أن «الحملات العسكرية التي تعرض لها العالم الإسلامي، في السنوات الأخيرة، والتي تسببت بالكثير من الضحايا، هي نموذج آخر لمنطق الغرب المتناقض».
في سياق آخر، اعتبر المرشد الأعلى، خلال استقباله قادة ومسؤولي القوة البحرية التابعة للجيش الإيراني، أن البحر هو ساحة المواجهة المقتدرة مع الأعداء، وكذلك الأنشطة المؤثرة والتعاون مع الأصدقاء، مؤكداً أن الوصول إلى المكانة المناسبة لإيران في مجال البحر مسؤولية كبرى على عاتق القوة البحرية.
في غضون ذلك، وربطاً بالتطورات المتعلقة بتطبيق الاتفاق النووي، أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن أمله بأن يفضي تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إغلاق ملف ماضي نشاطاتنا النووية، في وقت أكد فيه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني عدم وجود إمكانية لتنفيذ الاتفاق النووي المبرم بين إيران والدول الست، إذا لم يغلق ملف الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال شمخاني إن «على الدول الست أن تختار واحداً، فإما تنفيذ الاتفاق النووي وإما إبقاء ملف الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني مفتوحاً».