من هو ذاك الشخص الذي ضغط على الزناد وأطلق الرصاصة التي أسقطت زعيم «القاعدة» قتيلاً؟ ومن هم أولئك الذين حملوه ورموه في البحر طعاماً للأسماك؟ هل قبضوا الـ 27 مليون دولار؟ أين هم وكيف يشعرون؟ هل بمقدورهم أن يكتموا هذه «البطولة» عن أولادهم؟ ألن يرووا لهم حكاية النيل من زعيم «القاعدة»، الشرير، بنظرهم، الذي أرعب العالم؟لا شكّ أن كشف الهوية الشخصية لهؤلاء سيعرّضهم للخطر، كما تعدُّ من الأسرار الأمنية القومية للولايات المتحدة. لكن ذلك لم يمنع من الكشف عن هوية الفريق الذي ينتمون إليه، والتحقيق فيه، و«التشرّف» بلقاء أحد عناصره، حتى وإن كان عنصراً سابقاً؛ فهؤلاء باتوا أبطالاً بنظر الأميركيين.
قبل 3 أيام، عاد فريق النخبة الى الولايات المتحدة. ونقلت «أي بي سي نيوز» عن مصادر أن الفريق حطّ في قاعدة أندروز الجوية خارج واشنطن. وأضافت إن معلومات حساسة تقع داخل أجهزة كمبيوتر وأقراص مدمجة جمعوها خلال العملية التي استمرت 40 دقيقة سبقتهم الى مختبر الـ«أف بي آي»، فمن هو هذا الفريق؟
عند الدخول الى موقع وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي ايه» لا تجد اسم هذا الفريق. يكتفي الموقع بالقول إن نجاح المهمة كان نتيجة جهود مشتركة، وعمليات استخبارية وتحليلية قادتها الوكالة بالتعاون مع الوكالات الاستخبارية الأخرى، ويشير الى أن المهمة أنجزها فريق صغير تابع لقوات العمليات الخاصة.
لكن وسائل الإعلام الأميركية استندت الى مصادر رسمية واستخبارية لتحديد هوية «الأبطال»، فتبيّن لها أنهم فريق مكوّن من 25 عنصراً، ينتمون الى نخبة من القوّات الخاصة تحمل اسم «سيل تيم 6». هناك ما يقارب 2500 «سيل» في الإجمال. واسم «سيل» seal يأتي من البيئة التي ينفذون فيها مهماتهمsea, air, land، رغم أن المهمات الأساسية منوطة بمكافحة الإرهاب وأهداف بحرية.
وفي تعريفه هو الفريق الأميركي الإنمائي للحروب البحرية الخاصة المعروف بـ DEVGRU، ويعرف على نحو غير رسمي باسمه السابق «سيل تيم 6». هو واحد من فريقين سرّيين من الدرجة الأولى لمكافحة الإرهاب ومن قوات العمليات الخاصة واللذين يقومان بمهمات سرية. الفريق الثاني هو قوة دلتا «1st SFOD-D».
والمعلومات الأساسية عن هذا الفريق مصنّفة على درجة عالية من السرّية والحماية. ونشاطاته لا يمكن التعليق عليها من قبل البيت الأبيض أو وزارة الدفاع، وهو تابع إدارياً للقيادة الحربية البحرية الخاصة، فيما يخضع في عملياته لإمرة القيادة المشتركة للعمليات الخاصة. توكل إليه مهمات سرية في مناطق خارجية ساخنة لمساعدة الجيش الأميركي أو السفارات. وتشمل مكافحة الانتشار النووي وعمليات اغتيال، إضافة الى تغطية الأهداف العالية الأهمية من الدول غير الصديقة. وهو الوحدة الوحيدة المخوّلة استخدام إجراءات استباقية ضد الإرهابيين ومرافقهم. ويتحرك خارج القوانين الداخلية والدولية. تعود جذوره الى الحرب العالمية الثانية، لكن عملية مخلب النسر لتحرير الرهائن الأميركيين في 1980 من سفارة طهران كانت سبباً رئيسياً في تطوير هذه الوحدة.
يتلقى أفراد الفريق تدريبات قاسية. يقول عنصر خدم أكثر من 8 سنوات في الوحدة إن الأشهر الستة الأولى هي الأصعب والمعروفة بـ«بادس» وتعني الهدم الأساسي تحت المياه، وتشتمل على تدريبات متواصلة لنحو 120 ساعة تتضمن السباحة والركض والغوص.
أما مقرّ «سيل تيم 6» فيقع على شاطئ فيرجينيا داخل قاعدة دام نيك ويخضع لحراسة مشدّدة. وحول الشاطئ مدينة تعدُّ 433 ألف نسمة، حيث لا إشارات تدل على مجنّدي «سيل» الذين قتلوا بن لادن. فهؤلاء أدّوا قسم اليمين للاحتفاظ بسرية مهمتهم.
البحث عن هوية هذا الفريق جعل من كل شخص عمل معه بطلاً في بلدته، يتحمس كل من معارفه لاستسقاء معلومة، من يدري قد يكون هذا هو «البطل» الذي أطلق النار على بن لادن!
تلتقي «بلومبرغ» بريتشارد دبري، صديق لمجنّد «سيل»، يقول «لن نحاول حتى أن نسأله، لن يقول أي شيء». ويضيف «تشرب وتثمل معهم ولا تستطيع أن تسحب منهم أي معلومات عمّا جرى في مهمتهم. هم لا يخبرون حتى زوجاتهم».
«واشنطن بوست» أرادت أن تبحث عن «هوية بطل»، فأعدّت تقريراً عن قائد مركز العمليات المشتركة لقاعدة باغرام في أفغانستان نائب أدميرال وليام ماكرافن، الأكثر خبرة في مطادرة الإرهابيين والعنصر السابق في «سيل»، وسمّته «مطارد الإرهابيين الذي وقعت على أكتافه عملية النيل من بن لادن». وقالت إنه استغل وحدة خاصة من «نافي سيل» من أجل القيام بالمهمة قبل نحو شهرين.
وأضافت الصحيفة إنه أشرف على مدى أسابيع على التدريبات للقيام بالمهمة. وأوضحت أن البحث عن بن لادن كان إنجاز الاستخبارات، لكن عندما أصدر أوباما أوامره بتنفيذ العملية، اختار رئيس «سي اي ايه» ليون بانيتا ماكرافن للمهمة، وهو ما كان ينتظره طوال حياته المهنية.
ويقول مسؤول رفيع المستوى في الإدارة عنه «فهم الأهمية الاستراتيجية لعنصر الانضباط» في العملية، مضيفاً «طلب معايير عالية، ولهذا نجحنا في المهمة»، فيما يصفه آخر بأنه «الشخص الذي يبدو كأنه «سيل» معاصر، و«سيل» ينتمي الى حقبة فيتنام السابقة، رجل هادئ، متواضع وذكي».
في ظل البحث عن «الأبطال»، انشغلت بعض وسائل الإعلام بالتساؤل عن المبلغ الذي تقاضوه في العملية. وذكرت أنّ معدل الأجر لـ«سيل» لديه خبرة طويلة يقدّر بـ 54 ألف دولار سنوياً.
أما «صياد بن لادن»، الأميركي الذي اعتقل في باكستان وبحوزته سيف ساموراي أثناء محاولته العثور على زعيم بن لادن، فأعلن أنه سيطالب بجزء من مكافأة الـ 27 مليون دولار، لأنه «البطل الحقيقي» والفضل يعود له في إخافة بن لادن وإخراجه من جحره في أفغانستان الى أبوت آباد.



أطول 40 دقيقة لأوباما

في حديث الى برنامج «60 دقيقة» على «سي بي أس» داخل قاعة روزفلت في البيت الأبيض، روى الرئيس باراك أوباما (الصورة) لستيف كروفت بعض مما جرى فجر ذلك الأحد الذي قتلوا فيه زعيم تنظيم «القاعدة». قال إنه الحدث الأهم، ليس فقط في رئاسته بل في تاريخ الولايات المتحدة.
ذكر بما كان قد وعد به خلال حملته الرئاسية «قلت إذا تسنّت لنا فرصة قتل بن لادن فسوف نأخذها». وتابع «بعدما تسلّمت منصبي استدعيت ليون بانيتا الى المكتب البيضاوي وقلت له: علينا أن نضاعف جهودنا لاصطياد بن لادن».
ووصف متابعة التنفيذ بأنها «كانت أطول أربعين دقيقة في حياتي، ربما باستثناء إصابة (ابنته) ساشا بالتهاب السحايا حين كانت في شهرها الثالث وانتظار أن يطمئنني الطبيب الى حالتها».
ولم يكن ثمة دليل مباشر على وجود بن لادن في المنزل الذي قُتل فيه، وروى أوباما «مع نهاية اليوم، كانت نسبة (وجوده) 55 في المئة، لم يكن في استطاعتنا التأكيد أنه هناك». وأكد أنّه اتخذ قراره النهائي الخميس، وتابع أنشطته المعتادة وتكتم بشدة على التحضيرات للعملية. وتابع مباشرة العملية التي استغرقت 40 دقيقة قبل أن يسمع «جيرونيمو قتل. وجيرونيمو كان يرمز الى بن لادن».