تزداد الضغوط على الخرطوم بعد فرض القوات الشمالية سيطرتها على منطقة أبيي المتنازع عليها، وقد وصلت إلى حد التهديد، إذ قال مبعوث الولايات المتحدة إلى السودان، برينستون ليمان، إن «الخرطوم تغامر بفقدان برنامج مقترح لتخفيف الديون بقيمة 38 مليار دولار وحوافز أخرى باحتفاظها بمنطقة أبيي». وأضاف أن «عليها أن توافق على استئناف المحادثات المتعلقة بالمنطقة المتنازع عليها بسرعة»، لافتاً إلى أنه «سيعود إلى السودان هذا الأسبوع وسط مساع دبلوماسية مكثفة لإنهاء الأزمة»، موضحاً أن «رد فعل الخرطوم كان مبالغاً فيه بمحاولتها بسط يديها على المنطقة بنحو مطلق». وتابع ليمان أن «الضغوط تنصبّ بنحو مفهوم ومحقّ عليهم الآن لينسحبوا من المنطقة تماماً»، مضيفاً أن «دخول منطقة أبيي جعل من المستحيل على الولايات المتحدة مواصلة العمل لتقديم حوافز رئيسية عرضتها على الخرطوم، ومنها اتخاذ خطوات تدريجية لتطبيع العلاقات الدبلوماسية، ورفع السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وإبرام اتفاق دولي بشأن تخفيف الديون». وقال إن «النزاع حول أبيي قد يعطل كل هذه الحوافز»، مشيراً إلى أن «كلّاً منها يتطلب سلسلة من الخطوات تتطلب بدورها التحقق مما هو حادث على أرض الواقع». ولفت ليمان إلى أن السودان «ربما يواجه بالفعل عواقب وخيمة ما لم ينفض عنه العقوبات الدولية في وقت قد يفقد فيه اقتصاده إيرادات نفط الجنوب ويواجه زيادة في التضخم». وأضاف «هم بحاجة إلى أن يكونوا جزءاً من المجتمع المالي الدولي، وهذا هو الحافز. لكن ليس بمقدورهم عمل هذا بهذه الطريقة». وأشار إلى أنه سينقل هذه الرسالة للمسؤولين في الخرطوم خلال زيارته المنطقة هذا الأسبوع والتي ستشمل أيضاً عقد لقاءات في جنوب السودان. وقال ليمان إن «الهدف الحالي هو انسحاب القوات من أبيي وتعزيز مهمة الأمم المتحدة لحفظ السلام، على أن يتبع ذلك مقترحات ملموسة بشأن كيفية تسوية القضايا العالقة بين الشمال والجنوب، التي تشمل أيضاً كيفية اقتسام عائدات النفط في المستقبل».
وكان الجيش السوداني قد رفض دعوات الجنوب والمجتمع الدولي إلى سحب قواته من منطقة أبيي المتنازع عليها، ليعلن أنها «مدينة شمالية». وقال وزير الدفاع السوداني، عبد الرحيم محمد حسين، إن «أبيي ستبقى مدينة شمالية حتى يقرر السكان مصيرها بأنفسهم». في المقابل، أعلن وزير الإعلام في جنوب السودان، بارنابا ماريال بنجامين، أن «على القوات السودانية إنهاء احتلالها غير القانوني لأبيي ومغادرتها»، مشيراً إلى «إدخال قبائل المسيرية إلى أبيي بمساندة الحكومة السودانية الشمالية بهدف احتلال منطقة الدنكا نقوك لتبرير مشاركتهم في الاستفتاء». وأضاف «لا أحد يستطيع تخيل تطبيق سيناريو إقليم كشمير أو الصحراء الغربية في أبيي». في هذا الوقت، أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 15 ألفاً على الأقل فروا من منطقة أبيي إلى أجوك بعد سيطرة جيش شمال السودان على المنطقة. وذكر مسؤولون أن جيش شمال السودان أرسل دبابات للبلدة الرئيسية في المنطقة بعد أسابيع من التوترات، ما قاد لأعمال سلب وحرق من جانب جماعات مسلحة ودفع السكان إلى الفرار. وذكرت المتحدثة باسم الأمم المتحدة، هوا جيانغ في بلدة جوبا الجنوبية أن نحو 20 ألفاً وصلوا إلى أجوك أو حولها. وقدر مسؤولون آخرون في الأمم المتحدة الرقم بأكثر من 15 ألفاً.
(رويترز، أ ف ب)